كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: 2)

وأَجْمَعَ المسلمون (٣) أهْل العِلْمِ على أنَّ أوَّلَ وقتِ الظُّهْرِ: إذا زالتِ الشَّمْسُ. قالهُ ابن المُنْذِرِ، وابنُ عبدِ البَرِّ. وقد تظاهرت الأخبارُ بذلك، فمنها؛ ما رَوى ابْنُ عَبَّاسٍ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أمَّنِى جِبْرِيلُ عِنْدَ البَيْتِ مَرَّتَيْنِ، فَصَلَّى بِىَ الظُّهْرَ في الأُولَى مِنْهُما، حينَ كان الفَىءُ مِثْلَ الشِّرَاكِ (٤)، ثُمَّ صَلَّى العَصْرَ حينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَىْءٍ مِثْلَهُ، ثُمَّ صَلَّى المَغْرِبَ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ، وأَفْطَرَ الصَّائِمُ، ثُمَّ صَلَّى العِشَاءَ حِينَ غابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ صَلَّى الفَجْرَ حِينَ بَرَقَ الفَجْرُ وحَرُمَ الطَّعَامُ على الصَّائِمِ، وصَلَّى في المَرَّةِ الثَّانيةِ الظُّهْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَىْءٍ مِثْلَهُ لِوَقْتِ العَصْرِ بالأَمْسِ، ثُمَّ صَلَّى العَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَىْءٍ مِثْلَيْهِ، ثُمَّ صَلَّى المَغْرِبَ [لِوَقْتِهِ الْأَوَّلِ] (٥)، ثمَّ صَلَّى العِشَاءَ الآخِرَةَ (٦) حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ حين أسْفَرَتِ الأَرْضُ، ثُمَّ الْتَفَتَ إلَىَّ جِبْرِيلُ فقال: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا وَقْتُ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ، والوَقْتُ فِيمَا (٧) بَيْنَ هذَيْنِ". رَوَاهُ أبو دَاوُدَ، وابن ماجَه والتِّرْمِذِىُّ (٨)، وقال: هذا حديثٌ حَسَنٌ (٩). ورَوَى جَابِرٌ نحوَهُ، ولم يَذْكُرْ فيه "لِوَقْتِ العَصْرِ بالأَمْسِ" (١٠)، وقال البُخَارِىُّ: أصَحُّ حديثٍ في المواقيتِ
---------------
(٣) سقط من: م.
(٤) شراك النعل: سيرها الذي على ظهر القدم. وصار مثل الشراك: يعني استبان الفىء في أصل الحائط من الجانب الشرقى عند الزوال فصار في رؤية العين كقدر الشراك، وهذا أقل ما يعلم به الزوال، وليس تحديدا. المصباح المنير.
(٥) في م: "لوقت الأول".
(٦) في م: "الأخيرة".
(٧) في الأصل: "ما".
(٨) أخرجه أبو داود، في: باب في المواقيت، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ٩٣. والترمذي، في: باب ما جاء في مواقيت الصلاة، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ١/ ٢٤٨، ٢٤٩. والإمام أحمد، في: المسند ١/ ٣٣٣، ٣٥٤. أما ابن ماجه، فقد أخرج نحوه عن ابن مسعود، في: أبواب مواقيت الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن ابن ماجه ١/ ٢٢٠.
(٩) في سنن الترمذي زيادة: "غريب".
(١٠) هذا قول الترمذي، وما يأتى أيضًا قوله. عارضة الأحوذى ١/ ٢٤٩، ٢٥٠
وأخرج الترمذي حديث جابر، في هذا الموضع.

الصفحة 9