كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: 3)

في قَبْرٍ وَاحِدٍ، وقَدِّمُوا أكْثَرَهُمْ قُرْآنًا". رَوَاهُ التِّرْمِذِىُّ (١)، وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. فإذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يَجْعَلُ بينَ كلِ اثْنَيْنِ حَاجِزًا مِن التُّرَابِ، فيَجْعَلُ (٢) كُلَّ واحِدٍ منهم في مِثْلِ القبرِ المُنْفَردِ؛ لأنَّ الكَفَنَ حَائِلٌ غيرُ حَصِينٍ. قال أحمدُ: ولو جُعِلَ لهم شِبْهُ النَّهْرِ، وجُعِلَ رَأْسُ أحَدِهِم عندَ رِجْلِ الآخَرِ، وجُعِلَ بينهما شيءٌ من التُّرَابِ، لم يكُنْ به بَأْسٌ. أو كما قال.

فصل: ولا يُدْفَنُ اثْنَانِ في قبرٍ واحدٍ، إلَّا لِضَرُورَةٍ. وسُئِلَ أحمدُ عن الاثْنَيْنِ والثَّلاثةِ يُدْفَنُونَ في قبرٍ واحدٍ. قال: أمَّا في مِصْرٍ فلا، ولكنْ (٣) في بلادِ الرُّومِ تَكْثُرُ (٤) القَتْلَى، فَيَحْفُرُ شِبْهَ النَّهْرِ، رَأْسُ هذا عندَ رِجْلِ هذا، ويَجْعَلُ بينهما حاجزًا، لا يَلْتَزِقُ وَاحِدٌ بالآخَرِ. وهذا قولُ الشَّافِعِىِّ. وذلك لأنَّه لا يَتَعَذَّرُ في الغَالِبِ إفْرادُ كلِّ وَاحِدٍ بقبرٍ (٥) في المِصْرِ، ويَتَعَذَّرُ ذلك غَالِبًا في دارِ الحَرْبِ، وفى مَوْضِعِ المُعْتَرَكِ. وإن وُجِدَتِ الضَّرَورَةُ جازَ دَفْنُ الاثْنَيْنِ والثَّلاثةِ وأكْثَرَ في القبرِ الواحدِ، حيثُما كان من مِصْرٍ أو غيرِه. فإن ماتَ له (٦) أقَارِبُ بَدَأ بمَن يَخَافُ تَغَيُّرَهُ، فإن اسْتَوَوْا في ذلك بَدَأ بأَقْرَبِهم إليه، على تَرْتِيبِ النَّفَقَاتِ، فإن اسْتَوَوْا في القُرْبِ قَدَّمَ أنْسَبَهم وأفْضَلَهم.

٣٩٣ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا (١) مَاتَتْ نَصْرَانِيَّةٌ، وَهِىَ حَامِلٌ (٢) مِنْ مُسْلِمٍ، دُفِنَتْ بَيْنَ مَقْبَرَةِ المُسْلِمِينَ ومَقْبَرَةِ (٣) النَّصَارَى)
اخْتارَ هذا أحمدُ؛ لأنَّها كَافِرَةٌ، لا تُدْفَنُ في مَقْبَرَةِ المسلِمين، فيَتَأَذَّوْا
---------------
(١) تقدم تخريجه في الصفحة السابقة.
(٢) في أ: "ليجعل".
(٣) في م: "وأما".
(٤) في م: "فتكثر".
(٥) سقط من: الأصل.
(٦) سقط من: أ، م.
(١) في أ، م: "وإن".
(٢) في م: "حاملة".
(٣) سقط من: الأصل.

الصفحة 513