أرَى له ذلك؛ لأنَّ اللَّه تَعَالَى قال: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (٢). وهذا غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ، ولأنَّ هذه عِبَادَةٌ لا تَدْخُلُها النِّيَابَةُ مع القُدْرَةِ، فلا تَدْخُلُها مع العَجْزِ، كالصَّوْمِ والصلاةِ. ولنَا، حديثُ أبى رَزِينٍ (٣)، ورَوَى ابنُ عَبَّاسٍ، أنَّ امْرَأةً مِن خَثْعَمٍ قالتْ: يا رسولَ اللَّه، [إنَّ فَرِيضَةَ اللَّه على عِبَادِه فى الحَجِّ أَدْرَكَتْ أبِى شَيخًا كَبِيرًا، لا يَسْتَطِيعُ أن يَثْبُتَ على الرَّاحِلَةِ، أفَأَحُجُّ عنه؟ قال: "نَعَمْ". وذلك فى حَجَّةِ الوَدَاعِ. مُتَّفَقٌ عليه (٤). وفى لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ] (٥)، قالتْ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ أبِى شَيْخٌ كَبِيرٌ، عليه فَرِيضَةُ اللهِ فى الحَجِّ، وهو لا يَسْتَطِيعُ أن يَسْتَوِىَ على ظَهْرِ بَعِيرِه. فقال النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فَحُجِّى عَنْهُ". وسُئِلَ علىٌّ، رَضِىَ اللهُ عنه، عن شَيْخٍ لا يَجِدُ الاسْتِطَاعَةَ، قال: يُجَهِّزُ عنه. ولأنَّ هذه عِبادَةٌ تَجِبُ بإفْسادِها الكَفَّارَةُ، فجازَ أن يَقُومَ غيرُ فِعْلِه فيها مَقَامَ فِعْلِهِ، كالصَّوْمِ إذا عَجَزَ عنه افْتَدَى، بخِلافِ الصلاةِ.
---------------
(٢) سورة آل عمران ٩٧.
(٣) تقدم تخريجه فى صفحة ١٤.
(٤) أخرجه البخارى، فى: باب وجوب الحج وفضله، وباب الحج عمن لا يستطيع الثبوت على الراحلة، وباب حج المرأة عن الرجل، من كتاب الحج، وفى: باب حجة الوداع، من كتاب المغازى، وفى: باب بدء السلام، من كتاب الاستئذان. صحيح البخارى ٢/ ١٦٣، ٣/ ٢٣، ٥/ ٢٢٢، ٨/ ٦٣. ومسلم، فى: باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوهما أو للموت، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٩٧٣، ٩٧٤.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب الرجل يحج عن غيره، من كتاب المناسك. سنن أبى داود ١/ ٤٢٠. والترمذى، فى: باب ما جاء فى الحج عن الشيخ الكبير والميت، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى ٤/ ١٥٧. والنسائى، فى: باب الحج عن الميت الذى لم يحج، وباب الحج عن الحى الذى لا يستمسك على الرحل، وباب حج المرأة عن الرجل، من كتاب الحج، وفى: باب الحكم بالتشبيه والتمثيل، من كتاب القضاة. المجتبى ٥/ ٨٧، ٨٨، ٩٠، ٨/ ٢٠٠، ٢٠١. وابن ماجه، فى: باب الحج عن الحى إذا لم يستطع، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ٩٧٠. والدارمى، فى: باب فى الحج عن الحى، من كتاب المناسك. سنن الدارمى ٢/ ٣٩، ٤٠. والإِمام مالك، فى: باب الحج عمن يحج عنه، من كتاب الحج. الموطأ ١/ ٣٥٩. والإِمام أحمد، فى: المسند ١/ ٢١٢، ٢١٣، ٢١٩، ٢٥١، ٣٢٩، ٣٤٦.
(٥) سقط من: أ.