كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: 5)

صَدَقَةٍ، أو نُسُكٍ. قالتْ: أىُّ النُّسُكِ أفْضَلُ؟ قال: إن شِئْتِ فناقَةٌ، وإن شِئْتِ فبَقَرَةٌ. قالتْ: أىُّ ذلك أفْضَلُ؟ قال: انْحَرِى نَاقَةً. رَوَاهُ الأثْرَمُ (١١). ولأنَّ ما كان أكْثَرَ لَحْمًا كان أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ، ولذلك أجْزَأَتِ البَدَنَةُ مَكَانَ سَبْعٍ من الغَنَمِ، والشَّاةُ أفْضَلُ من سُبْعِ بَدَنَةٍ؛ لأنَّ لَحْمَها أطْيَبُ، والضَّأْنُ أَفْضَلُ من المَعْزِ لذلك.

فصل: والذَّكَرُ والأُنْثَى [فى الهَدْىِ] (١٢) سَوَاءٌ. وممَّن أجازَ ذُكْرانَ الإِبِلِ ابنُ المُسَيَّبِ، وعمرُ بن عبدِ العزيزِ، ومالِكٌ، وعَطاءٌ، والشَّافِعِىُّ. وعن ابنِ عمرَ، أنَّه قال: ما رَأَيْتُ أحَدًا فاعِلًا ذلك، وأن أَنْحَرَ أُنْثَى أَحَبُّ إلَىَّ. والأوَّلُ أَوْلَى؛ لأنَّ اللهَ تعالى قال: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (١٣). ولم يَذْكُرْ ذَكَرًا ولا أُنْثَى، وقد ثَبَتَ أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أهْدَى جَمَلًا لأبى جَهْلٍ، فى أنْفِهِ بُرَةٌ (١٤) مِنْ فِضَّةٍ. رَوَاهُ أبو دَاوُدَ، وابنُ مَاجَه (١٥). ولأنَّه يجوزُ من سائِرِ أَنْواعِ بَهِيمَةِ الأنْعامِ، ولذلك قال النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فَكَأَنَّما قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ". فكذلك مِن الإِبِلِ، ولأنَّ القَصْدَ اللَّحْمُ، ولَحْمُ الذَّكَرِ أَوْفَرُ، ولَحْمُ الأُنْثَى أَرْطَبُ، فيتَسَاوَيانِ. قال أحْمَدُ: الخَصِىُّ أَحَبُّ إلينا من النَّعْجَةِ. وذلك لأنَّ لَحْمَهُ أوْفَرُ وأطْيَبُ.

٦٩٨ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْه بَدَنَةٌ، فَذَبَحَ سَبْعًا مِنَ الغَنَمِ، أجْزَأهُ)
وظَاهِرُ هذا أنَّ سَبْعًا من الغَنَمِ يُجْزِئُ عن البَدَنَةِ مع القُدْرَةِ عليها، سَواءٌ كانت
---------------
(١١) تقدم تخريجه فى صفحة ٤٤٩.
(١٢) سقط من: الأصل.
(١٣) سورة الحج ٣٦.
(١٤) البرة: الحلقة تجعل فى أنف البعير.
(١٥) أخرجه أبو داود، فى: باب فى الهدى، من كتاب المناسك. سنن أبى داود ١/ ٤٠٥. وابن ماجه، فى: باب الهدى من الإناث والذكور، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٣٥.

الصفحة 457