كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: 5)

الأرْبَعُ لا نَعْلَمُ بنِ أهْلِ العِلْمِ خِلَافًا فى مَنْعِهَا. ويَثْبُتُ الحُكْمُ فيما فيه نَقْصٌ أكْثَرُ مِن هذه العُيُوبِ بطَرِيقِ التَّنْبِيهِ، فلا تجوزُ العَمْياءُ؛ لأنَّ العَمَى أكْثَرُ مِن العَوَرِ، ولا يُعْتَبَرُ مع العَمَى انْخِسافُ العَيْنِ؛ لأنَّه يُخِلُّ بِالمَشْىِ مع الغَنَمِ، والمُشارَكَةِ فى العَلَفِ، أكْثَرَ مِن إخْلالِ العَرَج. ولا يجوزُ ما قُطِعَ منها عُضْوٌ مُسْتَطابٌ، كالألْيَةِ؛ لأنَّ ذلك أَبْلَغُ فى الإخْلالِ بِالمَقْصُودِ مِن ذَهابِ شَحْمَةِ العَيْنِ. فأمَّا العَضْباءُ، وهى ما ذَهَبَ نِصْفُ أُذُنِها أو قَرْنِها، فلا تُجْزِئُ. وبه قال أبو يوسفَ ومحمدٌ فى عَضْباءِ الأُذُنِ. وعن أحمدَ: لا تُجْزِئُ ما ذَهَبَ ثُلُثُ أُذُنِها. وبه قال أبو حنيفةَ. وَرُوِىَ عن علىٍّ، وعَمَّارٍ، وسَعِيدِ بن المُسَيَّبِ، والحسنِ، تُجْزِئُ المَكْسُورَةُ القَرْنِ؛ لأنَّ ذَهابَ ذلك لا يُؤَثِّرُ فى اللَّحْمِ، فأجْزَأَتْ، كالجَمَّاء. وقال مالِكٌ: إنْ كان يُدْمِى، لم يَجُزْ، وإلَّا جازَ. ولَنا، ما رَوَى علىٌّ، رَضِىَ اللهُ عنه، قال: نَهَى رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنْ يُضَحَّى بِأعْضَبِ الأُذُنِ والقَرْنِ. رواه النَّسائِىُّ وابنُ مَاجَه (٦). قال قَتَادَةُ: فسألتُ سَعِيدَ بنَ المُسَيَّبِ، فقال: نعم، العَضَبُ النِّصْفُ فأكْثَرُ مِن ذلك. ويُحْمَلُ قَوْلُ علىٍّ، رَضِىَ اللَّه عنه، ومَنْ وافَقَه، على أنَّ كَسْرَ ما دونَ النِّصْفِ لا يَمْنَعُ.

فصل: ويُجْزِئُ (٧) الخَصِىُّ، سَواءٌ كان ممَّا قُطِعَتْ خَصْيَتاه أو مَسْلُولًا، وهو الذى سُلَّتْ بَيْضَتاه، أو مَوْجُوءًا، وهو الذى رُضَّتْ بَيْضَتاه؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ (٨). والمَرْضُوضُ كالمَقْطُوعِ. ولأنَّ ذلك
---------------
(٦) أخرجه النسائى، فى: باب العضباء، من كتاب الأضاحى. المجتبى ٧/ ١٩١، ١٩٢. وابن ماجه، فى: باب ما يكره أن يضحى به، من كتاب الأضاحى. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٥١.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب ما يكره من الضحايا، من كتاب الأضاحى. سنن أبى داود ٢/ ٨٨. والترمذى، فى: باب فى الضحية بعضباء القرن والأذن، من أبواب الأضاحى. عارضة الأحوذى ٦/ ٣٠٣. والإمام أحمد، فى: المسند ١/ ٨٠، ٨٣، ١٠٩، ١٢٧، ١٣٧، ١٥٠.
(٧) فى الأصل: "ويجوز".
(٨) أخرجه أبو داود، فى: باب ما يستحب من الضحايا، من كتاب الأضاحى. سنن أبى داود ٢/ ٨٦. وابن ماجه، فى: باب أضاحى رسول اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، من كتاب الأضاحى. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٤٤. والإمام أحمد، فى: المسند ٦/ ٨.

الصفحة 462