كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: 5)

عليه؛ لأنَّها مُهاجَرُ المُسْلِمِينَ. وقال النبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا يَصْبِرُ أحَدٌ عَلَى لأْوَائِهَا وشِدَّتِهَا إلَّا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (١٥).

فصل: ويُسْتَحَبُّ زِيارَةُ قَبْرِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ لما رَوَى الدَّارَقُطْنِىُّ (١٦)، بإسنادِه عن ابنِ عمرَ، قال: قال رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ حَجَّ، فَزَارَ قَبْرِى بَعْدَ وَفَاتِى، فَكَأنَّما زَارَنِى فى حَيَاتِى". وفى رِوايَةٍ: "مَنْ زَارَ قَبْرِى وَجَبَتْ له شَفَاعَتِى". رواه بِاللَّفْظِ الأوَّلِ سَعِيدٌ. حَدَّثَنَا حَفْصُ بن سليمانَ، عن لَيْثٍ، عن مُجاهِدٍ، عن ابنِ عمرَ. وقال أحمدُ (١٧)، فى رِوايَةِ عبدِ اللهِ، عن يَزِيدَ بن قُسَيْطٍ، عن أبى هُرَيْرَةَ، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَىَّ عِنْدَ قَبْرِى، إلَّا رَدَّ اللهُ عَلَىَّ رُوحِى، حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ". قال (١٨): وإذا حَجَّ الذى لم يَحُجَّ قَطُّ -يعنى من غيرِ طَرِيقِ الشَّامِ- لا يَأْخُذُ على طَرِيقِ المَدِينَةِ، لأنِّى أخَافُ أن يَحْدُثَ به حَدَثٌ، فيَنْبَغِى أن يَقْصِدَ مَكَّةَ من أقْصَدِ الطُّرُقِ (١٩)، ولا يَتَشَاغَلَ بغيرِه. ويُرْوَى عن العُتْبِىِّ (٢٠)، قال: كنتُ جَالِسًا عندَ قَبْرِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فجَاءَ أعْرَابِىٌّ، فقال:
---------------
(١٥) أخرجه مسلم، فى: باب الترغيب فى سكنى المدينة، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ١٠٠٣. والترمذى، فى: باب فى فضل المدينة، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى ١٣/ ٢٧٥. والإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ١١٣، ١١٩، ١٣٣، ٢٨٨، ٣٣٨، ٣٤٣، ٣٩٧، ٤٣٩، ٤٤٧، ٣/ ٥٨، ٦/ ٣٧٠.
(١٦) فى: باب المواقيت، من كتاب الحج. سنن الدارقطنى ٢/ ٢٧٨.
(١٧) فى مسنده، ٢/ ٥٢٧.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب زيارة القبور، من كتاب المناسك. سنن أبى داود ١/ ٤٧٠.
(١٨) سقط من: م.
(١٩) فى الأصل: "الطريق".
(٢٠) زيارة قبر النبى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تستحب لأجل السلام عليه. ويشرط أن تكون بدون سفر، بل تشرع لمن كان فى المدينة، أو سافر لزيارة المسجد النبوى والصلاة فيه، فإنها تدخل تبعا. والدليل على مشروعيتها عموم الدليل على مشروعية زيارة القبور، ولم يثبت بخصوص زيارة قبره عليه الصلاة والسلام حديث، وكل الأحاديث الواردة بخصوص زيارة قبره عليه الصلاة والسلام إما ضعيفة شديدة الضعف، أو موضوعة، كما نبه على ذلك الحفاظ، كالدارقطنى والبيهقى وابن حجر وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن عبد الهادى وغيرهم، فلا يجوز الاحتجاج بها.
والحكاية التى ذكرها عن العتبى، لا يحتج بها عند أهل العلم، والمصنف رحمه اللَّه ساقها بصيغة التمريض، حيث قال: ويروى. إلخ.

الصفحة 465