كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: 5)

قال: بَلَى. وعن ابنِ عمرَ، قال: تَمَتَّعَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حَجَّةِ الوَدَاعِ بِالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ. وعنه أنَّ حَفْصَةَ قالتْ لِرسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ما شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا ولم تَحْلِلْ (٢٠) أنْتَ من عُمْرَتِكَ؟ فقال: "إنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي، وقَلَّدْتُ هَدْيِي، فَلَا أحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ". مُتَّفَقٌ عليهما (٢١). وقال سعدٌ: صَنَعَها رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وصَنَعْنَاهَا معه (٢٢). وهذه الأحادِيثُ رَاجِحَةٌ؛ لأنَّ رُوَاتَها أكْثَرُ وأعْلَمُ بالنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبَرَ بِالمُتْعَةِ عن نَفْسِه، في حديثِ حَفْصَةَ، فلا تُعَارَضُ بِظَنِّ غيرِه. ولأنَّ عائشةَ كانت مُتَمَتِّعَةً بغيرِ خِلافٍ، وهى مع النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولا تُحْرِمُ إلَّا بِأمْرِه، ولم يكنْ يأْمُرُها (٢٣) بأمْرٍ، ثم يُخَالِفُ إلى غيرِه. ولأنَّه يُمْكِنُ الجَمْعُ بين الأحادِيثِ، بأن يكونَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أحْرَمَ بِالعُمْرَةِ، ثم لم يَحِلَّ منها لأجْلِ هَدْيِهِ، حتى أحْرَمَ بِالحَجِّ، فصارَ قَارِنًا، وسَمَّاهُ مَن سَمَّاهُ مُفْرِدًا؛ لأنَّه اشْتَغَلَ بأَفْعالِ الحَجِّ وَحْدَها، بعد فَرَاغِه من أفْعَالِ العُمْرَةِ، فإنَّ الجَمْعَ بين
---------------
(٢٠) في أ، م: "تحل".
(٢١) أخرج الأول البخاري، في: باب من ساق البدن معه، من كتاب الحج. صحيح البخاري ٢/ ٢٠٥. ومسلم، في: باب وجوب الدم على المتمتع. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٩٠١.
كما أخرجه أبو داود، في، باب الإقران، من كتاب المناسك. سنن أبي داود ١/ ٤١٩. والنسائي، في: باب التمتع، من كتاب الحج. المجتبى ٥/ ١١٧، ١١٨. والإمام أحمد، في: ٢/ ١٣٩، ١٤٠.
وأخرج الثاني البخاري، في: باب التمتع والإقران والإفراد بالحج. . .، وباب فتل القلائد للبدن والبقر، وباب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق، من كتاب الحج، وفي: باب حجة الوداع، من كتاب المغازي، وفي: باب التلبيد، من كتاب اللباس. صحيح البخاري ٢/ ١٧٥، ٢٠٧، ٢١٣، ٥/ ٢٢٢، ٧/ ٢٠٩. ومسلم، في: باب بيان أن القارن لا يتحلل إلَّا. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٩٠٢، ٩٠٣.
كما أخرجه أبو داود، في: باب الإقران، من كتاب المناسك. سنن أبي داود ١/ ٤٢٠. والنسائي، في: باب التلبيد عند الإحرام، وباب تقليد الهدى، من كتاب الحج. المجتبى ٥/ ١٠٤، ١٣٤. وابن ماجه، في: باب من لبد رأسه، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠١٢، ١٠١٣. والإمام مالك، في: باب ما جاء في النحر في الحج، من كتاب الحج. الموطأ ١/ ٣٩٣، ٣٩٤. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ١٢٤، ٦/ ٢٨٣، ٢٨٤، ٢٨٥.
(٢٢) أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في التمتع، من أبواب الحج. عارضة الأحوذي ٤/ ٣٩.
(٢٣) في أ، ب، م: "ليأمرها".

الصفحة 87