كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: 6)
فَإنْ كَانَ الْبَيْعُ عَنْ خِيَارٍ فَقَدْ وَجَبَ البَيْعُ". مُتَّفَقٌ عليه (١٨). والأَخْذُ بِالزِّيادَةِ أولَى. والتَّخايُرُ فى ابْتِداءِ العَقْدِ وبعدَه فى المَجْلِسِ وَاحِدٌ، فَالتَّخايُرُ فى ابْتِدَائِه أن يَقُولَ: بِعْتُكَ ولا خِيارَ بَيْنَنا. ويَقْبَلُ الآخَرُ على ذلك، فلا يَكونُ لهما خِيارٌ. والتَّخَايُرُ بعدَه (١٩) أن يقولَ كُلُّ واحِدٍ مِنهما بعدَ العَقْدِ: اخْتَرْتُ إمْضاءَ العَقْدِ، أو إلْزامَه، أو اخْتَرْتُ العَقْدَ، أو أسْقَطْتُ خِيارِى. فَيَلْزَمُ العَقْدُ من الطَّرَفَيْنِ، وإن اخْتارَ أحَدُهُما دون الآخَرِ، لَزِمَ فى حَقِّه وَحْدَهُ، كما لو كان خِيارُ الشَّرْطِ لهما، فأسْقَطَ أحَدُهما خِيارَهُ دُونَ الآخَرِ. وقال أصحابُ الشَّافِعِيِّ: فى التَّخايُرِ فى ابْتِداءِ العَقْدِ قَوْلانِ، أظْهَرُهما لا يُقْطَعُ الخِيَارُ؛ لأنَّه إسْقاطٌ لِلْحَقِّ قبل سَبَبِهِ، فلم يَجُزْ، كَخِيارِ الشُّفْعَةِ. فعلى هذا، هل يَبْطُلُ العَقْدُ بهذا الشَّرْطِ؟ على وَجْهَيْنِ، بِناءً على الشُّرُوطِ الفاسِدَةِ. ولنا، قَوْلُه عليه السَّلامُ: "فإن خَيَّرَ أحَدُهُمَا صاحِبَه، فَتبايَعَا على ذلك، فقد وَجَبَ البَيْعُ". وقَوْلُه: "إلَّا أن يَكُونَ البَيْعُ كانَ عن خِيَارٍ، فإن كان البَيْعُ عن خِيَارٍ فقد (٢٠) وَجَبَ البَيْعُ" (٢١). وهذا صَرِيحٌ فى الحُكْمِ، فلا يُعَوَّلُ على ما خالَفَهُ. ولأنَّ ما أثَّرَ فى الخِيارِ فى المَجْلِسِ، أثَّرَ فيه مُقارِنًا لِلْعَقْدِ، كَاشْتِراطِ الخِيارِ. ولأنَّه أحَدُ الخِيارَيْنِ فى البَيْعِ، فجازَ إخْلاؤُه عنه، كَخِيارِ الشَّرْطِ. وقَوْلُهُمْ: إنَّه إسْقاطٌ لِلْخِيارِ قبل سَبَبِهِ. لَيْسَ كذلك، فإنَّ سَبَبَ الخِيارِ البَيْعُ المُطْلَقُ، فأمَّا البَيْعُ مع التَّخَايُرِ فَلَيْسَ بِسَبَبٍ
---------------
(١٨) أخرجه البخارى. فى: باب كم يجوز الخيار، وباب إذا لم يوقت فى الخيار هل يجوز البيع، من كتاب البيوع. صحيح البخارى ٣/ ٨٣، ٨٤. ومسلم، فى: باب ثبوت خيار المجلس للمتبايعين، من كتاب البيوع. صحيح مسلم ٣/ ١١٦٤.
كما أخرجه النسائى، فى: باب ذكر الاختلاف على نافع فى لفظ حديثه، من كتاب البيوع. المجتبى ٧/ ٢١٨، ٢١٩. وابن ماجه، فى: باب البيعان بالخيار ما لم يفترقا، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٣٦. والإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٣١١.
(١٩) فى م: "بعد".
(٢٠) سقط من: م.
(٢١) تقدم تخريجه فى: صفحة ١٦.
الصفحة 16
695