كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: 6)

له. ثم لو ثَبَتَ أنَّه سَبَبُ الخِيارِ، لكنَّ المانِعَ مُقارِنٌ له، فلم يَثْبُتْ حُكْمُه، وأمَّا الشَّفِيعُ، فإنَّه أجْنَبِيٌّ من العَقْدِ، فلم يَصِحَّ اشْتِراطُ إسْقاطِ خِيارِه فى العَقْدِ، بِخِلافِ مَسْألَتِنَا. فإن قال أحَدُهما لِصاحِبِه: اخْتَرْ. ولم يَقُل الآخَرُ شَيْئًا، فالسَّاكِتُ منهما على خِيارِهِ؛ لأنَّه لم يُوجَدْ منه ما يُبْطِلُ خِيارَهُ. وأمَّا القَائِلُ، فيَحْتَمِلُ أن يَبْطُلَ خِيارُه؛ لما رَوَى ابْنُ عُمَرَ أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال: "البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ ما لم يَتَفَرَّقَا، أو يَقُولُ أحَدُهُمَا لِصَاحِبِه: اخْتَرْ". رواهُ البخارىُّ، وأبو داودَ، والنَّسائىُّ (٢٢). ولأنَّه جَعَلَ لِصاحِبِه ما مَلَكَهُ من الخِيارِ، فَسَقَطَ خِيارُه، وهذا ظاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِىِّ. ويَحْتَمِلُ أن لا يَبْطُلَ خِيارُه؛ لأنَّه خَيَّرَهُ، [فلم يَخْتَرْ] (٢٣)، فلم يُؤَثِّرْ فيه (٢٤)، كما لو جَعَلَ لِزَوْجَتِه الخِيارَ، فلم تَخْتَرْ (٢٥)، ويُحْمَلُ الحَديثُ على أنَّه خَيَّرَهُ فاخْتارَ، والأوَّلُ أوْلَى؛ لِظاهِرِ الحَدِيثِ. ولأنَّه جَعَلَ الخِيارَ لِغَيْرِه، ويُفارِقُ الزَّوْجَةَ؛ لأنَّه مَلَّكَها ما لا تمْلِكُ، فإذا لم تَقْبَلْ، سَقَطَ، وهاهُنا كُلُّ واحِدٍ منهما يَمْلِكُ الخِيارَ، فلم يَكُنْ قَوْلُه تَمْلِيكًا، إنَّما كان إسْقاطًا، فسقَطَ.

٧٠١ - مسألة؛ قال: (فَإنْ تلِفَتِ السِّلْعَةُ، أوْ كَانَ عَبْدًا فَأعْتَقَهُ المُشْتَرِى، أو مَاتَ، بَطَلَ الخِيَارُ)
أمَّا إذا تَلِفَتِ السِّلْعَةُ فى مُدَّةِ الخِيارِ، فلا يَخْلُو، إمَّا أن تَكونَ قبلَ القَبْضِ، أو بَعْدَه، فإن كان قَبْلَ القَبْضِ، وكان مَكيلًا، أو مَوْزونًا، انْفَسَخَ البَيْعُ، وكان من مالِ البائِعِ، ولا أعْلَمُ فى هذا خِلافًا، إلَّا أن يُتْلِفَهُ المُشْتَرِى، فَيَكونَ من ضَمانِه،
---------------
(٢٢) أخرجه البخارى، فى: باب إذا لم يوقت فى الخيار هل يجوز البيع، من كتاب البيوع. صحيح البخارى ٣/ ٨٤. وأبو داود، فى: باب فى خيار المتبايعين، من كتاب البيوع. سنن أبى داود ٢/ ٢٤٥. والنسائى، فى: باب ذكر الاختلاف على نافع فى لفظ حديثه، من كتاب البيوع. المجتبى ٧/ ٢١٩.
(٢٣) سقط من: الأصل.
(٢٤) سقط من: الأصل.
(٢٥) فى م زيادة: "شيئا".

الصفحة 17