كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: 6)

قال التِّرْمِذِىُّ (١٤): هذا حَديثٌ صَحِيحٌ. وهذا من ضَمانِ المُشْتَرِى، فيَجِبُ أن يَكُونَ خَراجُه له. ولأنَّ المِلْكَ يَنْتَقِلُ بالبَيْع (١٥) على ما ذَكَرْنا، فَيَجِبُ أن يَكونَ نَماؤُهُ له، كما (١٦) بعد انْقِضاءِ الخِيارِ. ويَتَخَرَّجُ أن يَكونَ النَّماءُ المُنْفَصِلُ للبائِعِ إذا فَسَخا العَقْدَ، بِنَاءً على الرِّوايَةِ التى قُلْنَا: إنَّ المِلْكَ لا يَنْتَقِلُ. فأمَّا النَّماءُ المُتَّصِلُ فهو تابعٌ للمَبيعِ، أمْضَيا العَقْدَ، أو فَسَخاهُ، كما يَتْبَعُه فى الرَّدِّ بِالعَيْبِ والمُقايَلَةِ.

فصل: وضَمانُ المَبيعِ على المُشْتَرِى إذا قَبَضَهُ، ولم (١٧) يَكُنْ مَكيلًا، ولا مَوْزُونًا. فإن تَلِفَ، أو نَقَصَ، أو حَدَثَ به عَيْبٌ فى مُدَّةِ الخِيارِ، فهو من ضَمانِه؛ لأنَّه مِلْكُه، وغَلَّتُه له، فكَانَ من ضَمانِه، كما بعد انْقِضاءِ الخِيارِ، ومُؤْنَتُه عليه. وإن كان عَبْدًا، فَهَلَّ هِلالُ شَوَّالٍ، فَفِطْرَتُه عليه لِذَلِكَ. فإن اشْتَرَى حامِلًا، فوَلَدَتْ عنده فى مُدَّةِ الخِيارِ، ثم رَدَّها على البائِعِ، لَزِمَهُ رَدُّ وَلَدِها؛ لأنَّه مَبيعٌ حَدَثَتْ فيه زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ، فَلَزِمَه رَدُّهُ بِزِيادَتِه، كما لو اشْتَرَى عَبْدَيْنِ، فَسَمِنَ أحَدُهُما عندَه. وقال الشَّافِعِىُّ فى أحَدِ قَوْلَيْه: لا يَرُدُّ الوَلَدَ؛ لأنَّ الحَمْلَ لا حُكْمَ له؛ لأنَّه جُزْءٌ مُتَّصِلٌ بِالأُمِّ، فلم يَأْخُذْ قِسْطًا من الثَّمَنِ، كأطْرافِها. ولنا، أنَّ كُلَّ ما يُقَسَّطُ عليه الثَّمَنُ إذا كان مُنْفَصِلًا، يُقَسَّطُ عليه إذا كان مُتَّصِلًا، كاللَّبَنِ. وما قالوه يَبْطُلُ بِالجُزْءِ المُشاعِ، كَالثُّلُثِ، والرُّبُعِ، والحُكْمُ فى الأصْلِ مَمْنُوعٌ، ثم يُفارِقُ الحَمْلُ الأطْرَافَ؛ لأنَّه يَؤُولُ إلى الانْفِصالِ، ويُنْتَفَعُ به مُنْفَصِلًا، ويَصِحُّ إفْرادُه بِالعِتْقِ،
---------------
(١٤) فى: باب ما جاء فى من يشترى العبد فيستغله ثم يجد به عيبا، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى ٥/ ٢٨٥، ٢٨٦.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى من اشترى عبدا فاستعمله ثم وجد به عيبا، من كتاب البيوع. سنن أبى داود ٢/ ٢٥٤، ٢٥٥. والنسائى، فى: باب الخراج بالضمان، من كتاب البيوع. المجتبى ٧/ ٢٢٣. وابن ماجه، فى: باب الخراج بالضمان، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٥٤. والإمام أحمد، فى: المسند ٦/ ٤٩، ٢٠٨، ٢٣٧.
(١٥) فى م: "بالمبيع".
(١٦) سقط من: الأصل.
(١٧) فى الأصل: "أو لم".

الصفحة 23