كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: 6)
والوَصِيَّةُ به، وله، ويَرِثُ إن كان من أهْلِ المِيراثِ، ويُفْرَدُ بِالدِّيَةِ، ويَرِثُها وَرَثَتُه. ولا يَصِحُّ قَوْلُهُمْ: إنَّه لا حُكْمَ لِلْحَمْلِ. لهذه الأحْكامِ وغيرِها ممَّا ذَكَرْناهُ فى غيرِ هذا المَوْضِعِ.
فصل: وإن تَصَرَّفَ أحَدُ المُتَبايِعَيْنِ فى مُدَّةِ الخِيارِ فى المَبيعِ تَصَرُّفًا يَنْقُلُ المَبِيعَ، كَالبَيْعِ، والهِبَةِ، والوَقْفِ، أو يَشْغَلُهُ، كالإجارَةِ، والتَّزْوِيجِ، والرَّهْنِ، والكِتابَةِ، ونَحْوِها، لم يَصِحَّ تَصَرُّفُه، إلَّا العِتْقُ، سواءٌ وُجِدَ من البائِعِ، أو المُشْتَرِى؛ لأنَّ البائِعَ تَصَرَّفَ فى غيرِ مِلْكِه، والمُشْتَرِى يُسْقِطُ حَقَّ البائِعِ من الخِيارِ، وَاسْتِرْجاعِ المَبيع، فلم يَصِحَّ تَصَرُّفُه فيه، كَالتَّصَرُّفِ فى الرَّهْنِ، إلَّا أن يَكونَ الخِيارُ لِلْمُشْتَرِى وَحْدَه، فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُه، ويَبْطُلُ (١٨) خِيارُهُ؛ لأنَّه لا حَقَّ لِغَيْرِه فيه، وثُبُوتُ الخِيارِ له لا يَمْنَعُ تَصَرُّفَهُ فيه، كالمَعيبِ. قال أحمدُ: إذا اشْتَرَطَ الخِيارَ، فباعَه قبل ذلك بِرِبْح، فَالرِّبْحُ للمُبْتاعِ؛ لأنَّه قد وَجَبَ عليه حِينَ عَرَضَهُ. يعنى بَطَلَ خِيَارُهُ، ولَزِمَهُ. وهذا واللهُ أعْلَمُ فيما إذا شَرَطَ الخِيارَ له وَحْدَهُ، وكذلك إذا قلنا: إنَّ البَيْعَ لا يَنْقُلُ المِلْكَ، وكان الخِيَارُ لهما، أو للبائِعِ وَحْدَه، فَتَصرَّفَ فيه البائِعُ، نَفَذَ تَصَرُّفُه، وصَحَّ؛ لأنَّه مَلَكَهُ، وله إبْطالُ خِيارِ غَيْرِه، وقال ابنُ أبى موسى: فى تَصَرُّفِ المُشْتَرِى فى المَبيعِ قبلَ التَّفَرُّقِ بِبَيْعٍ أو هِبَةٍ روايَتانِ؛ إحداهما، لا يَصِحُّ؛ لأنَّ فى صِحَّتِه إسْقاطَ حَقِّ البائِعِ من الخِيارِ. والثَّانية، هو مَوْقُوفٌ؛ فإن تَفرَّقَا قبل الفَسْخِ صَحَّ، وإن اختارَ البائِعُ الفَسْخَ بَطَلَ بَيْعُ المُشْتَرِى. قال أحْمَدُ فى رِوايَةِ أبى طالِبٍ: إذا اشْتَرَى ثَوْبًا بِشَرْطٍ، فباعَهُ بِرِبْحٍ قبل انْقِضاءِ الشَّرْطِ، يَرُدُّهُ إلى صاحِبِه إن طَلَبَه، فإن لم يَقْدِرْ على رَدِّه، فللبَائِعِ قِيمَةُ الثَّوْبِ؛ لأنَّه اسْتَهْلَكَ ثَوْبَهُ، أو يُصالِحُه. فقوله: يَرُدُّه إن طَلَبَه. يَدُلُّ على أنَّ وُجوبَ رَدِّهِ مَشْروطٌ بِطَلَبِه. وقد رَوَى البُخَارِىُّ (١٩)، عن ابنِ عمرَ، أنَّه كان
---------------
(١٨) فى الأصل: "أو يبطل".
(١٩) فى: باب إذا اشترى شيئا فوهب من ساعته فبل أن يتفرقا. . .، من كتاب البيوع، وفى: باب كيف=
الصفحة 24
695