كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: 6)

بابُ الرِّبا والصَّرْف
الرِّبا في اللُّغَةِ: هو الزِّيادَةُ. قال اللهُ تَعالَى: {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} (١). وقال: {أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ} (٢). أي أكْثَرُ عَدَدًا، يُقالُ: أَرْبَى فُلانٌ على فُلانٍ، إذا زادَ عليه. وهو في الشَّرْعِ: الزِّيادَةُ في أشْياءَ مَخْصُوصَةٍ. وهو مُحَرَّمٌ بالكِتابِ، والسُّنَّةِ، والإجْماعِ؛ أمّا الكِتابُ، فقولُ اللهِ تَعالَى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} (٣). وما بَعْدَها مِن الآياتِ. وأمّا السُّنَّةُ، فَرُوِيَ عن النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنَّه قال: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ". قِيلَ: يا رسولَ اللهِ ما هي؟ قال: "الشِّرْكُ بِاللهِ، والسِّحْرُ، وقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إلَّا بِالْحَقِّ، وأَكْلُ الرِّبَا، وأكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، والتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ". وَرُوِيَ عن النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنّه لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا، ومُوكِلَه، وشَاهِدَيْه، وكاتِبَه. مُتَّفَقٌ عليهما (٤) في أخْبارٍ سوى هذين
---------------
(١) سورة الحج ٥.
(٢) سورة النحل ٩٢.
(٣) سورة البقرة ٢٧٥.
(٤) الأول أخرجه البخاري، في: باب قول اللَّه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا}، من كتاب الوصايا. وباب الشرك والسحر من الموبقات، من كتاب الطب. وباب رمي المحصنات. . .، من كتاب الحدود. صحيح البخاري ٤/ ١٢، ٧/ ١٧٧، ٨/ ٢١٨. ومسلم، في: باب بيان الكبائر وأكبرها، من كتاب الإيمان. صحيح مسلم ١/ ٩٢.
كما أخرجه أبو داود، في: باب ما جاء في التشديد في أكل مال اليتيم، من كتاب الوصايا. سنن أبي داود ٢/ ١٠٤. والنسائي، في: باب اجتناب أكل مال اليتيم، من كتاب الوصايا. المجتبى ٦/ ٢١٥، ٢١٦.
والثاني أخرجه البخاري، في: باب من لعن المصور، من كتاب اللباس. صحيح البخاري ٧/ ٢١٧. ومسلم، في: باب لعن آكل الربا ومؤكله، من كتاب المساقاة. صحيح مسلم ٣/ ١٢١٩. =

الصفحة 51