فصل: وإذا باعَ شَيْئًا من مالِ الرِّبا بغيرِ جِنْسِه، وعِلَّةُ رِبا الفَضْلِ فيهما واحدةٌ، لم يَجُزِ التَّفَرُّقُ قبل القَبْضِ، فإن فَعَلا بَطَلَ العَقْدُ، وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبُو حنيفةَ: لا يُشتَرَطُ التَّقَابُضُ فيهما كغيرِ أمْوالِ الرِّبا، وكبَيْعِ ذلك بأحَدِ النَّقْدَيْنِ. ولَنا، قَوْلُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والمِلْحُ بالمِلْحِ، مِثْلًا بمِثْلٍ، سَوَاءً بسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٣٤). وقال عليه السّلامُ: "فَإذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ" (٣٥). ورَوَى مالِكُ بنُ أَوْسِ بن الْحَدَثانِ، أنه الْتَمَسَ صَرْفًا بمائةِ دينارٍ. قال: فدعانِى طَلْحَةُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ [فتَراوَضْنا حتى اصْطرَفَ] (٣٦) مِنِّى، فأخَذَ الذهب (٣٧) يُقَلِّبُها فى يَدَيْهِ، ثم قال: حتى يَأْتِىَ خازِنِى من الغابةِ. وعمرُ يَسْمَعُ ذلك، فقال: لا واللهِ لا تُفارِقْهُ حتى تَأْخُذَ منه، قال رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الذَّهَبُ بالوَرِقِ رِبًا إلَّا هاءَ وهاءَ (٣٨)، والبُرُّ بالبُرِّ رِبًا إلَّا هاءَ وهاءَ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ رِبًا إلَّا هاءَ وهاءَ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ رِبًا إلَّا هاءَ وهاءَ". مُتَّفَقٌ عليه (٣٩). والمُرادُ
---------------
(٣٤) تقدم تخريجه فى صفحة ٥٤.
(٣٥) تقدم تخريجه فى الصفحة السابقة.
(٣٦) فى م: "فتراوضتا حتى اضطرق".
والمعنى: أى تساومنا حتى صرفها منى ذهبا.
(٣٧) سقط من: م. وفى الأصل: "جاءنى".
(٣٨) هاء وهاء: اسم فعل أمر بمعنى خذ. يقال: هاء درهما. أى خذ درهما.
(٣٩) أخرجه البخارى، فى: باب ما يذكر فى بيع الطعام والحكرة، من كتاب البيوع. صحيح البخارى ٣/ ٨٩. ومسلم، فى: باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا، من كتاب المساقاة. صحيح مسلم ٣/ ١٢٠٩، ١٢١٠. وأبو داود، فى: باب فى الصرف، من كتاب البيوع. سنن أبى داود ٢/ ٢٢٢. والنسائى فى: باب بيع التمر بالتمر متفاضلا، من كتاب البيوع. المجتبى ٧/ ٢٤٠. وابن ماجه، فى: باب صرف الذهب بالورق، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٥٩، ٧٦٠. والإِمام مالك، فى: باب ما جاء فى الصرف، من كتاب البيوع. الموطأ ٢/ ٦٣٦، ٦٣٧. والإِمام أحمد، فى: المسند ١/ ٢٤، ٣٥، ٤٥.