كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: 7)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
كتابُ الصُّلْحِ
الصُّلْحُ مُعاقَدةٌ يُتَوَصَّلُ بها إلَى الإِصْلَاحِ بَيْنَ المُخْتَلِفَيْنِ، ويَتنوَّعُ أَنْواعًا؛ صُلْحٌ بَيْنَ المُسْلِمينَ وأهْلِ الحَرْبِ، وصُلْحٌ بَيْنَ أهْلِ العَدْلِ وأهْلِ البَغْىِ، وصُلْحٌ بَيْنَ الزَّوْجيْنِ إذَا خِيفَ الشِّقَاقُ بيْنَهما، قال اللهُ تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} (١)، وقال تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} (٢). ورَوَى أبو هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "الصُّلْحُ بَيْنَ المُسْلِمين جَائِزٌ، إلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا". أخْرَجَهُ التِّرْمِذِىُّ (٣)، وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَرُوِىَ عن عُمَرَ، أنَّه كَتَبَ إلى أبِى مُوسَى بمثلِ ذلك. وأَجْمَعَتِ الأُمَّةُ (٤) على جَوَازِ الصُّلْحِ فى هذه الأَنْوَاعِ التى ذَكَرْنَاهَا، ولِكُلِّ واحِدٍ منها بَابٌ يُفْرَدُ له، ويُذْكَرُ فيه أحْكامُه. وهذا البابُ لِلصُّلْحِ بَيْنَ المُتَخاصِمَيْنِ فى الأَمْوَالِ، وهو نَوْعَانِ؛ صُلْحٌ على إِقْرَارٍ، وصُلْحٌ على إِنْكَارٍ. ولَمْ
---------------
(١) سورة الحجرات ٩.
(٢) سورة النساء ١٢٨.
(٣) فى: باب ما ذكر عن رسول اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فى الصلح بين الناس، من أبواب الأحكام. عارضة الأحوذى ٦/ ١٠٤.
كما أخرجه ابن ماجه، فى: باب الصلح، من كتاب الأحكام. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٨٨. كلاهما عن عمرو بن عوف المزنى.
وأخرجه أبو داود، فى: باب فى الصلح، من كتاب الأقضية. سنن أبى داود ٢/ ٢٧٣. والإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٣٦٦. كلاهما عن أبى هريرة.
(٤) فى ب، م: "الأئمة".
الصفحة 5
637