كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: 8)

غائِبِى. ونحو ذلك. ولا نَعْلَمُ في هذا خِلَافًا؛ لأنَّه نَقْلٌ لِلْمِلْكِ فيما لم يُبْنَ على التَّغْلِيبِ والسِّرَايةِ، فلم يَجُزْ تَعْلِيقُه على شَرْطٍ. كالهِبَةِ. وسَوَّى المُتَأَخِّرُونَ من أصْحابِنا بين تعْلِيقِه بالمَوْتِ، وتَعْلِيقِه بِشَرْطٍ في الحيَاةِ. ولا يَصِحُّ؛ لما ذَكَرْنا من الفَرْقِ بينهما فيما قبلَ هذا.

فصل: وإن عَلَّقَ انْتِهاءَه على شَرْطٍ، نحو قولِه: دارِى وَقْفٌ إلى سَنَةٍ، أو إلى أن يَقْدَمَ الحاجُّ. لم يَصِحّ، في أحدِ الوَجْهَيْنِ؛ لأنَّه يُنَافِى مُقْتَضَى الوَقْفِ، فإن مُقْتَضَاهُ التَّأْبِيدُ. وفى الآخَرِ يَصِحُّ؛ لأنَّه مُنْقَطِعُ الانْتِهاءِ، فأشْبَهَ ما لو وَقَفَه على مُنْقَطِعِ الانْتِهاءِ، فإن حَكَمْنا بصِحَّتِه ههُنا، فحُكْمُه حُكْمُ مُنْقَطِعِ الانْتِهاءِ.

فصل: وإن قال: هذا وَقْفٌ على وَلَدِى سَنَةً، ثم على المَسَاكِينِ. صَحَّ. وكذلك إن قال: هذا وَقْفٌ على وَلَدِى مُدَّةَ حَيَاتِى، ثم هو بعدَ مَوْتِى للمَساكِينِ. صَحَّ؛ لأنَّه وَقْفٌ مُتَّصِلُ الابتِدَاءِ والانْتِهاءِ. وإن قال: وَقْفٌ على المَساكِينِ، ثم على أوْلادِى. صَحَّ، ويكون وَقْفًا على المَساكِينِ، ويُلْغَى (٤) قولُه: على أوْلادِى. لأنَّ المَساكِينَ لا انْقِرَاضَ لهم.

فصل: واخْتَلَفَتِ الرِّوَايةُ عن أحمدَ في الوَقْفِ في مَرَضِه على بعض وَرَثَتِه، فعنه: لا يجوزُ ذلك، فإن فَعَلَ وَقَفَ على إجَازَةِ سائِر الوَرَثَةِ، [فإنَّ أحمدَ قال] (٥)، في رِوَايةِ إسحاقَ بن إبراهيمَ، في مَن أوْصَى لأوْلادِ بَنِيه بأرْضٍ تُوقَفُ عليهم، فقال: إن لم يَرِثُوه فجائِزٌ. فظاهِرُ هذا أنَّه لا يجوزُ الوَقْفُ عليهم في المَرَضِ. اخْتارَه أبو حَفْصٍ العُكْبَرِىُّ، وابنُ عَقِيلٍ، وهو مَذْهَبُ الشافِعِىِّ. والرِّواية الثانية، يجوزُ أن يقِفَ عليهم ثُلُثَه، كالأجانِبِ، فإنَّه قال، في رِوَايةِ جماعةٍ منهم المَيمُونِىّ: يجوزُ لِلرَّجُلِ أن يقِفَ في مَرَضِه
---------------
(٤) في الأصل: "ويلغو".
(٥) في م: "قال أحمد".

الصفحة 217