كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: 8)

فصل: ونَماءُ العَيْنِ المُوصَى بها إن كان مُتَّصِلًا كالسِّمَنِ، وتَعْليمِ صَنْعةٍ، فهو تابِعٌ للعَيْنِ، ويكونُ للمُوصَى له إذا احْتَمَلَه الثُّلُثُ. وإن كانَ مُنْفَصِلًا، كالوَلدِ والثَّمَرةِ في حَياةِ المُوصِى، فهو له، يَصِيرُ إلى وَرثتِه؛ لأنَّه نَماءُ (١١) مِلْكِه. وما حدَثَ بعدَ الموتِ وقبلَ القَبُولِ، فيَنْبَنى على المِلكِ في المُوصَى له (١٢). والصَّحيحُ أنَّه للوَرَثةِ. والآخَرُ هو للمُوصَى له، فيكونُ النَّماءُ لمَن المِلْكُ له.

٩٩٢ - مسألة؛ قال: (وإِذَا أَوْصَى بِوَصَايَا فِيهَا عَتَاقةٌ، فَلَمْ يَفِ الثُّلُثُ بالْكُلِّ، تَحَاصُّوا فِي الثُّلُثِ، وَأَدْخِلَ النَّقْصُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (١) بِقَدرِ مَالَهُ فِي الْوَصِيَّةِ)
أمَّا إذا خَلَتِ الوَصايا مِن العِتْقِ، وتَجاوَزَتِ الثُّلُثَ، ورَدَّ الوَرثةُ الزِّيادةَ، فإنَّ الثُّلُثَ يُقْسَمُ بينَ المُوصَى لهم على قَدْرِ وَصايَاهم، ويَدْخُلُ النَّقْصُ على كلِّ واحدٍ بقَدْرِ مالَه مِن (٢) الوَصِيَّةِ على مِثالِ مَسائلِ العَوْلِ إذا زَادتِ الفُروضُ عن المالِ. فلو وَصَّى لرَجلٍ بثُلُثِ مالِه، ولِآخَر بِمائةٍ، ولِآخَر بمُعيَّنٍ قِيمتُه خمسون، ووَصى بفِداءِ أسِيرٍ بثَلاثين، ولِعِمارَةِ مَسجدٍ بعِشرين، وثُلُثُ مالِه مائةٌ، جَمَعْتَ الوَصايا كلَّها فوجَدتَها ثلاثَمِائةٍ، ونَسَبْتَ منها الثُّلُثَ، فتَجِدُه ثُلثَها، فتُعْطِى كل واحدٍ منهم ثُلُثَ وَصِيَّتِه، فلصَاحِبِ الثُّلُثِ ثُلُثُ المِائةِ، وكذَلك لِصاحِب المائةِ، ويَرْجِعُ صاحبُ الخَمسين إلى ثُلُثِها، ولفِدَاءِ الأسيرِ عَشرةٌ، ولِعِمارةِ المسجدِ سِتَّةٌ، وثلثان. فأمَّا إن كانَ فيها عِتْقٌ، فعَن أحمدَ فيها روايتان؛ إحدَاهما، أن (٣) يقَسَّمَ الثُّلثُ بين جميع الوَصايا العِتْقُ (٤) وغيرُه سَواءٌ، ويُقسَّم بينَهم على ما ذكَرْنا. وهذا قول ابنِ سِيرِينَ، والشَّعبىِّ، وأبى ثَورٍ؛ لأنَّهم تَسَاوَوْا في سَبَبِ الاسْتِحقاقِ، فتَساوَوْا فيه كسَائرِ الوَصايا. والرِّوايةُ الثانية، يُقدَّمُ العِتْقُ ويُبدأُ به، فإنْ فضَلَ منه شيءٌ، قُسِّمَ بينَ سائرِ أهلِ الوَصَايا على قَدْرِ وَصايَاهم. رُوِىَ هذا عن عمرَ، وبه قال (٥) شُرَيْحٌ،
---------------
(١١) سقط من: م.
(١٢) هكذا في النسخ. والظاهر أنها: "به".
(١) سقط من: أ.
(٢) في أ: "في".
(٣) في الأصل: "أنه".
(٤) في م: "بالعتق".
(٥) في م: "يقول".

الصفحة 577