كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: 8)

ومَسْروقٌ، وعَطاءٌ الخُرَاسانىُّ (٦)، وقَتادةُ، والزُّهْرىُّ، ومالِكٌ، والثَّورىُّ، وإسحاقُ؛ لأنَّ فيه حَقًّا للهِ تَعالى، وحقًّا لآدمىٍّ، فكانَ آكَدَ، ولأنَّه لا يَلْحَقُه فَسْخٌ، ويَلْحَقُ غيرَه ذلك، ولأنَّه أقْوَى بدَليلِ سِرايتِه ونُفوذِه مِن الرَّاهِنِ والمُفْلِسِ. ورُوِىَ عن الحسنِ، والشَّافِعىِّ كالرِّوايتيْنِ.

فصل: والعَطايا المعلَّقةُ بالموتِ، كقَولِه: إذا مِتُّ فَأعْطُوا فُلانًا كذا. أو أَعْتِقُوا فُلانًا. ونحوَه، وصَايَا حُكْمُها حُكْمُ غَيرِها مِن الوَصايا في التَّسْويةِ بينَ مُقدَّمِها ومُؤخَّرِها. والخِلافِ في تَقْديمِ. العِتْقِ منها، بخلافِ العَطايا المُنجَزَةِ، فإنَّه يُقدَّمُ الأوَّلُ منها فالأوَّلُ؛ لأنَّها تَلْزمُ بالفِعلِ، والمْؤَخَّرةُ تَلْزمُ بالموتِ، فتَتَساوَى كلُّها.

فصل: وإذا أوْصَى بعِتْقِ عَبدِه، لَزمَ الوارِثَ إعْتاقُه. فإنْ أبَى أجْبرَه الحاكمُ عليه؛ لأنَّه حقٌّ واجِبٌ (٧) عليه، فأُجْبِرَ عليه، كتَنْفيذِ الوَصِيَّةِ بالعَطِيَّةِ، فإن أعتقَه الوارثُ أو الحاكمُ، فهو حُرٌّ من حينَ أعْتقَه؛ لأنَّه حينَئذٍ عَتَقَ، ووَلاؤُه للمُوصِى؛ لأنَّه السَّبَبُ، وهؤلاءِ نُوَّابٌ عنه، ولهذا لزِمَهم إعْتاقُه كُرْهًا. وإن كانَتِ الوَصيةُ بعِتْقِه إلى غيرِ الوارِثِ، كان الإِعْتاقُ إليه؛ لأنَّه نائبُ المُوصِى في إعْتَاقِه، فلم يَمْلِكْ ذلك غيرُه إذا لم يَمْتَنِعْ منه، كالوَكيلِ في الحياةِ.

٩٩٣ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ أَوْصَى بِفَرَسٍ في سَبِيلِ اللهِ، وَأَلْفِ دِرْهَمٍ تُنْفَقُ عَلَيْهِ، فَمَاتَ الْفَرَسُ، كَانَتِ الْأَلْفُ لِلْوَرَثةِ. وإِنْ (١) أُنْفِقَ بَعْضُها، رُدَّ البَاقِى إِلَى الوَرَثةِ)
إنَّما كانَ كذلك؛ لأنَّه عيَّنَ للوَصِيَّةِ جِهةً، فإذا فاتَتْ، عادَ المُوصَى له إلى الوَرَثةِ،
---------------
(٦) في م: "والخراسانى". وهو عطاء بن أبي مسلم الخراساني، فقيه خراسان، جوَّال، توفى سنة خمس وثلاثين ومائة. طبقات الفقهاء للشيرازي ٩٣. العبر ١/ ١٨٢.
(٧) في م: "وجب".
(١) في أ: "وكذلك إن".

الصفحة 578