كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: 8)

العَقْدِ، وكانت الإِجَارَةُ على عَمَلٍ في الذِّمَّةِ، فله ذلك، ومتى قَدَرَ على الجَمَّالِ طَالَبَه به، وإن كان العَقْدُ على مُدَّةٍ انْقَضَتْ في هَرَبِه، انْفَسَخَ العَقْدُ بذلك. وإن أمْكَنَه إثْباتُ الحالِ عندَ الحاكِمِ، وكان العَقْدُ على مَوْصُوفٍ غيرِ مُعَيَّنِ، لم يَنْفَسِخ العَقْدُ، ويَرْفَعُ الأَمْرَ إلى الحاكِمِ، ويُثْبِتُ عندَه حَالَه، فيَنْظرٌ الحاكِمُ، فإن وَجَدَ لِلجَمَّالِ مالًا اكْتَرَى به له (٢٠)، وإن لم يَجِدْ له مالًا، وأمكنَه أن يَقْتَرِضَ على الجمَّالِ من بَيْتِ المالِ، أو من غيرِه ما يَكْتَرِى له به، فَعَلَ، فإن دَفَعَ الحاكِمُ المالَ إلى المُكْتَرِى لِيَكْتَرِىَ لِنَفْسِه به، جازَ [في ظاهِرِ كلامِ أحمدَ. وإن اقْتَرَضَ عليه من المُكْتَرِى ما يُكْرِى (٢١) به، جازَ] (٢٢)، وصارَ دَيْنًا في ذِمَّةِ الجَمَّالِ. وإن كان العَقْدُ على مُعَيَّنٍ، لم يَجُزْ إبْدَالُه، ولا اكْتِرَاءُ غيرِه؛ لأنَّ العَقْدَ تَعَلَّقَ بِعَيْنِه، فيَتَخَيَّرُ المُكْتَرِى بين الفَسْخِ أو البَقَاءِ إلى أن يَقْدِرَ عليه، فيُطَالِبَه بالعَمَلِ. الحال الثاني، إذا هَرَبَ الجَمّالُ، وتَرَكَ جِمَالَه، فإنَّ المُكْتَرِىَ يَرْفَعُ الأمْرَ إلى الحاكِمِ، فإن وَجَدَ لِلْجَمَّالِ مالًا، اسْتَأْجَرَ به مَن يَقُومُ مَقَامَ الجَمَّالِ في الإِنْفاقِ على الجِمَالِ، والشَّدِّ عليها، وحِفْظِها وفِعْلِ ما يَلْزَمُ الجَمَّالَ فِعْلُه، فإن لم يَجِدْ له غيرَ الجِمَالِ، وكان فيها فَضْلَةٌ عن الكِرَاءِ، باعَ بِقَدْرِ ذلك، وإن لم يكُنْ فيها فَضْلٌ، أو لم يُمْكِنْ بَيْعُه، اقْتَرَضَ عليه الحاكِمُ، كما قُلْنا. وإن ادَّانَ من المُكْتَرِى وأَنْفَقَ، جازَ. وإن أَذِنَ لِلْمُكْتَرِى في الإِنْفاقِ من مالِه بالمَعْرُوفِ، ليكونَ دَيْنًا على الجَمَّالِ، جازَ؛ لأنَّه في (٢٣) مَوْضِعِ حاجةٍ. وإذا رَجَعَ الجَمّالُ، واخْتَلَفَا فيما أَنْفَقَ، نَظَرْنا؛ فإنْ كان الحاكِمُ قَدَّرَ له ما يُنْفِقُ، قُبِلَ قولُه في قَدْرِ (٢٠) ذلك، وما زادَ لا يَحْتَسِبُ له (٢٤) به، وإن لم يُقَدِّرْ له، قُبِلَ قولُه في قَدْرِ النَّفَقةِ بالمَعْرُوفِ؛ لأنَّه أمِينٌ،
---------------
(٢٠) سقط من: الأصل.
(٢١) في الأصل: "يكترى".
(٢٢) سقط من: ب. نقل نظر.
(٢٣) سقط من: الأصل، م.
(٢٤) سقط من: م.

الصفحة 95