كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: 10)

فَسَخْتُ نِكاحَهُن. كان اخْتِيارًا للأرْبعِ. وإن طَلَّقَ إحْداهُنَّ، كان اختيارًا لها؛ لأنَّ الطَّلَاقَ لا يكونُ إلَّا فى زَوْجةٍ. وإن قال: قد (١٥) فارَقْتُ هؤلاء، أو اخْتَرْتُ فِراقَ هؤلاء. فإن لم يَنْوِ به (١٦) الطَّلاقَ، كان اخْتِيارًا لغيرِهِنَّ؛ لقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِغَيْلانَ: "اخْتَرْ مِنْهُنَّ أرْبعًا، وفَارِقْ سَائِرَهُنَّ". وهذا يقتضِى أن يكونَ لَفْظُ (١٧) الفِرَاقِ صَرِيحًا فيه، [كما كان لفظُ الطَّلاقِ صَرِيحًا فيه] (١٨)، وكذا فى حديثِ فَيْرُوز الدَّيْلَمِىِّ (١٩) قال: فعَمَدْتُ إلى أقْدَمِهِنَّ صُحْبةً، ففارَقْتُها. وهذا الموضعُ أخَصُّ [بهذا اللفظِ] (٢٠). فيَجِبُ أن يتَخَصَّصَ (٢١) فيه بالفَسْخِ. وإن نَوَى به الطَّلاقَ، كان اخْتيارًا لهنَّ دُونَ غيرِهِنَّ. وذكر القاضى فيه عند الإطْلاقِ وَجْهَيْنِ؛ أحدهما، أنَّه يكونُ اختيارًا للمُفَارَقاتِ؛ لأنَّ لَفْظَ الفِرَاقِ صريحٌ فى الطَّلاقِ، والأوْلَى ما ذكرْناه. وإن وَطِىءَ إحْداهُنَّ، كان اختيارًا لها، فى قِياسِ المذهبِ؛ لأنَّه لا يجوزُ إلَّا فى مِلْكٍ، فيَدُلُّ على الاخْتيارِ، كوَطْءِ الجاريةِ المَبِيعةِ بشَرْطِ الخِيارِ، ووَطْءِ الرَّجْعِيَّةِ أيضًا اختيارًا (٢٢) لها. وإن آلَى من واحدةٍ منهنَّ، أو ظاهَرَ فها، لم يكُن اخْتِيارًا لها؛ لأنَّه يَصِحُّ فى غيرِ زَوْجةٍ، فى أحدِ الوَجْهينِ، وفى الآخَرِ، يكونُ اخْتِيارًا لها؛ لأنَّ حُكْمَه لا يَثْبُتُ فى غيرِ زَوْجةٍ.
---------------
(١٥) سقط من: الأصل.
(١٦) سقط من: أ، ب، م.
(١٧) سقط من: أ، ب.
(١٨) سقط من: ب.
(١٩) أخرجه أبو داود، فى: باب من أسلم وعنده أكثر من أربع أو أختان، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود ١/ ٥١٩. والترمذى، فى: باب ما جاء فى الرجل يسلم وعنده أختان، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذى ٥/ ٦٣. وابن ماجه، فى: باب الرجل يسلم وعنده أختان، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه ١/ ٦٢٧. والإمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٢٣٢. والبيهقى، فى: باب من يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة، من كتاب النكاح. السنن الكبرى ٧/ ١٨٤، ١٨٥.
(٢٠) فى الأصل: "بهذه اللفظة".
(٢١) فى الأصل: "يخصص".
(٢٢) فى م: "اختيار".

الصفحة 17