كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: 10)

على انْقِضاءِ العِدَّةِ. واحْتَجَّ مَنْ قال بتَعْجِيلِ الفُرْقةِ بقَوْله سبحانه: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِر}. ولأنَّ ما يُوجِبُ فَسْخَ النِّكاحِ لا يَخْتَلِفُ بما قبلَ الدخولِ وبعدَه، كالرَّضَاعِ. ولَنا، ما رَوَى مالكٌ، فى مُوَطَّإِهِ (١٥)، عن ابن شِهَابٍ قال: كان بين إسْلامِ صَفْوانَ بن أُميَّةَ وامرأتِه بنتِ الوليدِ بن المُغِيرةِ نحوٌ من شَهْرٍ، أسْلَمَتْ يوم الفَتْحِ، وبَقِىَ صَفْوانُ حتى شَهِدَ حُنَيْنًا والطائِفَ وهو كافرٌ، ثم أسْلَمَ، فلم يُفَرِّقِ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بينهما، واسْتَقَرَّتْ عندَه امرأتُه بذلك النِّكاحِ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: وشُهْرةُ هذا الحديثِ أَقْوَى من إسْنادِه. وقال ابنُ شِهَابٍ: أسْلَمَتْ أُمُّ حكمٍ يوم الفَتْحِ، وهَرَبَ زَوْجُها عِكْرِمةُ حتى أَتَى اليَمَنَ، فارْتَحَلَتْ حتى قَدِمَتْ عليه اليمنَ، فدَعَتْه إلى الإِسلامِ، فأسْلَم، وقَدِمَ فبايعَ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فثَبَتَا على نكاحِهِما (١٦). وقال ابنُ شُبْرُمةَ: كان الناسُ على عهدِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُسْلِمُ الرجلُ قبلَ المرأةِ، والمرأةُ قبلَ الرجلِ، فأيُّهُما أسْلَمَ قبلَ انْقِضاءِ عِدَّةِ المرأةِ، فهى امرأتُه، وان أسلمَ بعدَ العِدَّةِ، فلا نِكاحَ بينهما (١٧). ولأنَّ أبا سُفيانَ خَرَجَ فأسلمَ عامَ الفَتْحِ قبلَ دُخولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَكّةَ، ولم تُسْلِمْ هِنْدُ امرأتُه حتى فَتَحَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَكَّةَ، فثَبَتَا على النِّكاحِ (١٨). وأسلم حَكِيمُ بن حِزَامٍ قبلَ امْرأتِه (١٩). وخَرَجَ أبو سفيانَ ابن الحارثِ وعبدُ اللَّه بن أبى (٢٠) أُمَيَّةَ فلَقِيَا النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-[عامَ الفَتْحِ] (٢١) بالأَبْواءِ (٢٢)، فأسْلَما قبلَ نِسائِهِما (٢٣). ولم يُعْلَمْ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فرَّقَ بين أحدٍ ممَّن أسلمَ وبين امرأتِه،
---------------
(١٥) فى: باب نكاح المشرك إذا أسلمت زوجه قبله، من كتاب النكاح. الموطأ ٢/ ٥٤٣، ٥٤٤.
كما أخرجه البيهقى، فى: باب من قال لا ينفسخ النكاح بينهما بإسلام أحدهما، من كتاب النكاح. السنن الكبرى ١٨٦، ١٨٧.
(١٦) أخرجه مالك، فى الباب السابق. الموطأ ٢/ ٥٤٥. والبيهقى، فى الباب السابق.
(١٧) أخرج البيهقى نحوه عن ابن عباس، فى الباب السابق.
(١٨) أخرجه البيهقى، فى الباب السابق.
(١٩) انظر الإصابة ٢/ ١١٣.
(٢٠) سقط من: الأصل، ب، م.
(٢١) سقط من: الأصل.
(٢٢) الأبواء: قرية من أعمال الفرع. من المدينة. معجم البلدان ١/ ١٠٠.
(٢٣) انظر: السيرة النبوية ٤/ ٤٠٠، ٤٠١.

الصفحة 9