١٤٤٨ - مسألة؛ قال: (وتُقْلَعُ الْعَيْنُ بِالْعَيْنِ)
أجْمَعَ أهلُ العلمِ على القِصاصِ في العَيْنِ، وممَّن بَلَغَنا قولُه في ذلك مَسْرُوقٌ، والحسنُ، وابنُ سِيرِينَ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، والزُّهْرِيُّ، والثَّوْرِيُّ، ومالِكٌ، والشافعيُّ، وإسْحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. ورُوِىَ عن عليٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه. والأصلُ فيه قولُ اللَّه تعالى: {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} (١). ولأنَّها تَنْتَهِى إلى مَفْصِلٍ، فَجَرَى القِصاصُ فيها كاليَدِ. وتُؤْخَذُ عينُ الشابِّ بعَيْنِ الشَّيْخِ (٢) المريضةِ، وعينُ الكبيرِ بعَيْنِ الصَّغيرِ والأَعْمَشِ، ولا تُؤْخَذُ صَحِيحةٌ بقائمةٍ؛ لأنَّه يَأخُذُ أكثرَ من حَقِّه.
فصل: فإن قَلَعَ عَيْنَه بإصْبَعِه، لم يَجُزْ أن يَقْتَصَّ بإصْبَعِه؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ المُماثلةُ فيه. وإن لَطَمَهُ فذَهَبَ ضَوْءُ عَيْنِه، لم يَجُزْ أن يَقْتَصَّ منه (٣) باللَّطْمةِ؛ لأنَّ المُماثلةَ فيها غيرُ مُمْكِنةٍ، ولهذا لو انْفَرَدَتْ من إذْهابِ الضَّوْءِ، لم يَجِبْ فيها قِصاصٌ، ويجبُ القِصاصُ في البَصَرِ (٤)، فيُعالَجُ بما يَذْهَبُ ببَصَرِه من غيرِ أن يَقْلَعَ عَيْنَه، كما رَوَى يحيى ابن جَعْدةَ، أنَّ أعْرابِيًّا قَدِمَ بحَلُوبةٍ (٥) له إلى الْمَدِينةِ، فساوَمَهُ فيها مَوْلًى لعثمانَ بن عَفّان، رَضِىَ اللَّه عنه، فنازَعَه، فلَطَمَه، ففَقَأَ عَيْنَه، فقال له عثمانُ: هل لك أن
---------------
(٤) سورة المائدة ٤٥.
(١) سورة المائدة ٤٥.
(٢) في م: "الكبير".
(٣) سقط من: ب.
(٤) في ب: "البصير".
(٥) في الأصل: "بحكومة".