كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: 13)
تَحْتَها، فإن فعَلَ ذلك، فقد أساءَ، ويستغفرُ اللهَ تعالى، وليس عليه عَقْلٌ ولا كفَّارَةٌ إذا أُصيبَ واحدٌ منهم بطاعَتِه؛ لأنَّه فعَلَ ذلك باخْتيارِه ومعرفتِه. فإنْ عُدِمَ الإِمامُ، لم يُؤَخَّرِ الجِهاد؛ لأنَّ مصلحتَهُ تفُوتُ بتَأْخيره. وإنْ حَصَلَت غنيمَةٌ، قسَمَها أهلُها على مُوجَبِ الشَّرْعِ. قال القاضي: ويُؤَخَّرُ قِسْمةُ الإِماءِ حتى يظْهَرَ إمامٌ احتياطًا للفُروج. فإنْ بعَثَ الإِمامُ جَيْشًا، وأَمَّرَ عليهم أميرًا، فقُتِلَ أو ماتَ، فللجَيْشِ أنْ يُؤَمِّرُوا [واحِدًا منهم] (٧)، كما فَعل أصحابُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في جَيْشِ مُؤْتَةَ، لَمَّا قُتِلَ أُمَراؤُهم الذين أَمَّرَهُم النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أَمَّرُوا عليهم خالِدَ بن الوليد، فبلَغَ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فرَضِىَ أمْرَهُم، وصَوَّبَ رَأْيَهم، وسَمَّى خالِدًا يومئذٍ: "سَيْفَ اللهِ" (٨).
فصل: قال أحمد: قال عمرُ: وَفِّرُوا الأظْفارَ في أرْضِ العدُوِّ؛ فإنَّه سِلاحٌ (٩). قال أحمد: يُحْتاجُ إليها في أَرْضِ العَدُوِّ، ألا تَرَى أنَّه إذا أرادَ أنْ يحُلَّ الحبْلَ أو الشىءَ، فإذا لم يكن له أظفارٌ لم يستطِعْ. وقال عن الحكم بن عمرو: أمرَنا رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنْ لا نُخْفِىَ الأظْفارَ في الجِهاد، فإنَّ القوَّةَ في (١٠) الأَظْفارِ.
فصل: قال أحمد: يُشَيَّعُ الرجلُ إذا خرجَ، ولا يتلقَّوْنَه، شَيَّعَ عليٌّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في غَزْوةِ تَبُوكَ، ولمَ يَتلَقَّه (١١). ورُوِىَ عن أبي بكر الصدِّيق، رَضِىَ اللَّه عنه، أنَّه
---------------
(٧) في أ، م: "أحدهم".
(٨) أخرجه البخاري، في: باب مناقب خالد بن الوليد، من كتاب فضائل الصحابة، وفي: باب غزوة مؤتة من أرض الشام، من كتاب المغازى. صحيح البخارى ٥/ ٣٤، ١٨٢. والترمذي، في: باب مناقب لخالد بن الوليد، من أبواب المناقب. عارضة الأحوذي ١٣/ ٢٣٤. والإِمام أحمد، في المسند ١/ ٨، ٢٠٤، ٤/ ٩٠، ٥/ ٩٩، ٣٠١.
(٩) أورده ابن حجر، في: باب الأمر بتحسين السلاح وإعداده للجهاد، من كتاب الجهاد. المطالب العالية ٢/ ١٦٥.
(١٠) سقط من: أ.
(١١) أخرجه الإِمام مالك، في: باب النهي عن قتل النساء والولدان، من كتاب الجهاد. الموطأ ٢/ ٤٤٧، ٤٤٨. والبيهقي بمعناه، في: باب تشييع الغازى وتوديعه، من كتاب السير. السنن الكبرى ٩/ ١٧٣. وابن أبي شيبة، في: باب في تشييع الغزاة وتلقيهم، من كتاب الجهاد. المصنف ٢/ ٥٣٤، ٥٣٥.
الصفحة 17
739