كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: 13)

القاعِدينَ غيرُ آثِمين مع جِهادِ غيرِهم، وقال اللهُ تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا} (٨) ولأنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يبْعَثُ السَّرايا، ويُقِيمُ هو وسائِرُ أصحابِه. فأمَّا الآيةُ التي احْتَجُّوا بها، فقد قال ابنُ عَبَّاسٍ: نسخَها قولُه تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً}. روَاه الأثْرَمُ وأبو داودَ (٩). ويحتَمِلُ أنَّه أرادَ حين اسْتَنْفَرَهم النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى غَزْوةِ تَبُوكَ، وكانتْ إجابَتُهم إلى ذلك واجِبَةً عليهم، ولذلك هَجَرَ النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كعبَ بنَ مالِكٍ وأصحابَه الذين خُلِّفوا، حتى (١٠) تابَ اللَّه عليهم بعدَ ذلك (١١)، وكذلك يجبُ على من اسْتَنْفَرَه الإِمامُ؛ لقولِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا". مُتَّفَقٌ عليه (١٢). ومعنى الكِفَايَةِ في الجهادِ أنْ ينْهَضَ للجهادِ
---------------
(٨) سورة التوبة ١٢٢. ولم يرد في الأصل: {لِيَتَفَقَّهُوا}.
(٩) أخرجه أبو داود، في: باب في نسخ نفير العامة بالخاصة، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود ٢/ ١٠.
(١٠) في أ، م زيادة: "إذا".
(١١) أخرجه البخاري، في: باب حديث كعب بن مالك. . ., من كتاب المغازى، وفي: باب: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ. . .}، وباب: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا. . .} في تفسير سورة براءة، من كتاب التفسير، وفي: باب إذا أهدى ماله على وجه التوبة والنذر، من كتاب الأيمان. صحيح البخاري ٦/ ٣ - ٩، ٨٧، ٨٨، ٨/ ١٧٥. ومسلم، في: باب حديث توبة كعب بن. مالك، من كتاب التوبة. صحيح مسلم ٤/ ٢١٢٠ - ٢١٢٩. والنسائي، في: باب الرخصة في الجلوس فيه والخروج منه بغير صلاة، من كتاب المساجد. المجتبى ٢/ ٤٢، ٤٣. والإِمام أحمد، في: المسند ٢/ ٤٥٦. وعبد الرزاق، في: باب حديث الثلاثة الذين خلفوا، من كتاب الجهاد. المصنف ٥/ ٣٩٧ - ٤٠٥. وابن أبي شيبة، في: باب ما حفظ أبو بكر في غزوة تبوك، من كتاب المغازى. المصنف ١٤/ ٥٤٠ - ٥٤٥.
(١٢) أخرجه البخاري، في: باب لا يحل القتال بمكة، من كتاب المحصر وجزاء الصيد، وفي: باب فضل الجهاد، وباب وجوب النفير. . ., وباب لا هجرة بعد الفتح، من كتاب الجهاد، وفي: باب إثم الغادر للبر والفاجر، من كتاب الجزية. صحيح البخاري ٣/ ١٨، ٤/ ١٨، ٢٨، ٩٢، ١٢٧. ومسلم، في: باب تحريم مكة وصيدها وخلاها. . ., من كتاب الحج، وفي: باب المبايعة بعد فتح مكة على الإِسلام. . .، من كتاب الإِمارة. صحيح مسلم ٢/ ٩٨٦، ٣/ ١٤٨٧.
كما أخرجه أبو داود، في: باب في الهجرة، هل انقطعت؟ ، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود ٢/ ٤. والترمذي، في: باب ما جاء في الهجرة، من أبواب السير. عارضة الأحوذي ٧/ ٨٨. والنسائي، في: باب ذكر الاختلاف في انقطاع الهجرة، من كتاب البيعة. المجتبى ٧/ ١٣١. وابن ماجه، في: باب الخروج في النفير، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه ٢/ ٩٢٦. والدارمي، في: باب لا هجرة بعد الفتح، من كتاب السير. سنن الدارمي ٢/ ٢٣٩. والإِمام أحمد، في: المسند ١/ ٢٢٦، ٢٦٦، ٣١٦، ٣٥٥، ٣/ ٤٠١، ٦/ ٤٦٦.

الصفحة 7