كتاب محاضرات الشنقيطي

يُلَقَّاهَا إلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥)} [فصلت / ٣٤ - ٣٥].
وقال في نظيره الآخر: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٦)} [فصلت / ٣٦].
وبين في مواضع أخرى أن ذلك الرفق واللين لخصوص المسلمين دون الكافرين، قال: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة / ٥٤]. وقال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَينَهُمْ} [الفتح / ٢٩]، وقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيهِمْ} [التوبة / ٧٣]، فالشدةُ في محلِّ اللين حُمقٌ وخَرَقٌ، واللينُ في محل الشدة ضعْفٌ وخَوَرٌ:
إذا قيل: حِلْم قل فللحلم موضع ... وحِلْم الفتى في غير موضعه جهل

المسألة السادسة: التي مسألة الاقتصاد:
فقد أوضح القرآن أصولها التي يَرجعُ إليها جميع الفروع، وذلك أن مسائل الاقتصاد راجعة إلى أصلين:
الأول: حسن النظر في اكتساب المال.
الثاني: حسن النظر في صرفه في مصارفه.
فانظر كيف فتح الله في كتابه الطرق إلى اكتساب المال بالأسباب المناسبة للمروءة والدين، وأنار السبيل في ذلك قال: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة / ١٠]، وقال: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [المزمل / ٢٠]، وقال:

الصفحة 18