كتاب المحرر في علوم القرآن

من تتبع ظواهر هجاء جميع مصاحف الأمصار بالوصف والعدِّ والتقطيع والوزن، فكان وصفه دقيقاً لم يَرْقَ إليه وصف آخر، الأمر الذي خلا منه المقنع» (¬1).
ومما يحسن التنبُّه له أنَّ التلميذ أبا داود (ت496هـ) أخذ في الضبط بطريقة الخليل (ت170هـ)، وهي التي اشتهرت واستمرت بعده، وأخذ شيخه أبو عمرو الداني (ت444هـ) بضبط أبي الأسود (ت69هـ)، وهذا من دواعي تقديمه عند المتأخرين على شيخه؛ لأنهم اعتمدوا طريقة الخليل.
3 - قالت اللجنة: «وأخذت طريقة ضبطه مما قرره علماء الضبط حسب ما ورد في كتاب «الطراز على ضبط الخرَّاز» للإمام التَّنَسِي، مع الأخذ بعلامات الخليل بن أحمد وأتباعه من المشارقة، بدلاً من علامات الأندلسيين والمغاربة».
القضايا والفوائد العلمية في هذا النص:
الأولى: الخراز ونظمه في الضبط:
الخرَّاز: نسبة إلى عمل الخرازة، وهو محمد بن محمد بن إبراهيم الشريشي (¬2) الأموي (ت بعد 711هـ)، سكن فاس، ومات فيها. قال عنه ابن الجزري (ت833هـ): «إمام كامل مقرئ» (¬3).
أما نظمه في الضبط، فقد جعله ذيلاً لنظمه في الرسم الذي أسماه «عمدة البيان في رسم القرآن»، ثم غيَّر في نظم «عمدة البيان» لما لوحظ عليه فيه، ولأشياء وهم فيها وسمَّاه «مورد الظمآن في رسم القرآن»، وأبقى
¬_________
(¬1) مقدمة المحقق الدكتور أحمد شرشال لمختصر التبيين (1:329).
(¬2) نسبة إلى شريش، قال محمد بن عبد المنعم الحميري في كتابه «الروض المعطار في خبر الأقطار» (ص340): (شريش من كور شذونه بالأندلس، بينها وبين قلشانة خمسة وعشرون ميلاً، وهي على مقربة من البحر). وضبطها ياقوت في معجم البلدان (3:340)، فقال: (بفتح أوله وكسر ثانيه، ثم ياء مثناه من تحت).
(¬3) غاية النهاية (2:237).

الصفحة 277