كتاب المذكر والمؤنث (اسم الجزء: 1)

ألا ترى أنك تقول: هندٌ الظالمُ على معنى: هندٌ مثلُ الظالم، وتقول: زيدٌ الشمسُ على معنى: زيد مثلُ الشمس. واحتجوا أيضاً بقول الآخر:
ألا ما للوجيهة لا تعودُ ... أبُخلٌ بالوجيهةِ أم صدود
فلو كنت المريض لجئتُ أسعى ... إليك وما تهددني الوعيد
قال معناه: فلو كنتِ الشخص المريض.
والقول عندي في هذا أنه أراد التشبيه، أي فلو كنتِ مثلَ المريض، أي لو أشبهتِ المريض لفعلت هذا، فكيف لو كنت مريضة على حقيقة المرض.
واحتج أيضاً بقول امرأة من العرب:
قامت تُبكيهِ على قبرِهِ ... من لي بعدك يا عامرُ
تركتني في الدار ذا غُربةٍ ... قد ذلَّ من ليس له ناصرُ
قال: أرادت: تركتني في الدار شخصاً ذا غُربةٍ.
وهذا الجواب عند الكوفيين خطاءٌ، والذي عندهم في هذا أنه ذكَّر ذا، لأنه للنون والياء. والنونُ والياءُ تكون اسم المتكلِّم والمتكلِّمة. ألا ترى أن الرجُلَ يقول: كلِّمني محمدٌ، فيكون اسمُه النون والياء، وتقول المرأة: كلمني محمد، فيكون اسمُها النون والياء، فلما كان ذلك كذلك أخرجوا (ذا) على لفظ النون والياء؛ إذ كانت تكون للمذكر والمذكَّرُ هو الأصلُ.

الصفحة 147