كتاب المذكر والمؤنث (اسم الجزء: 1)

وحكى الفراءُ عن الكسائي أنه سمع امرأة من العرب تقول: أنا امرؤ أُريد الخيرَ، فقالت: أنا امرؤ، ولم تَقُلْ: أنا امرأة؛ لأنها أخرجته على لفظ (أنا) ولفظ (أنا) مذكر.
وقال الأخفشُ وغيرُه من البصريين: إنما قالت العربُ: هندٌ حائضٌ، فذكروا (حائضاً)؛ لأنهم أرادوا: هند ذاتُ حيضٍ، ولم يُريدوا هندٌ حاضت أمس، أو تحيض غدا. قالوا: ولو أردت هذا المعنى لأدخلت عليه علامة التأنيث؛ كما تُدخِلُها في قائمة وقاعدة، وكذلك قولهم: امرأة طالقٌ وطامِثٌ معناه عندهم: ذاتُ طلاق وذاتُ طمث.
وهذا القول عندي غلطٌ؛ لأنه يلزم قائليه أن يقولوا: هندٌ قائمٌ، وجُمْلٌ امرأةٌ جالسٌ على معنى: هي ذاتُ قيام، وجلوسٍ، فيكونُ في (قائم) عندهم وجهان؛ كما كان في حائض وجهان: إذا بُني على الفعلِ قيل: امرأة قائمةٌ؛ كما يقال: امرأة حائضةٌ، وإذا لم يُبنَ على الفعلِ قيل: هذه امرأة قائمٌ على معنى: هذه ذاتُ قيام؛ كما يُقالُ: هذه امرأةٌ حائضٌ، على معنى: هذه ذاتُ حيضٍ. ومن أجاز: هذه امرأةٌ قائمٌ فقد خرج عن العربية.
ومما يدلُّ على صحة قولِ الفراء وعلى فسادِ القولين الآخرين أنهم يقولون: امرأة قاعدةٌ بالهاء إذا أرادوا الجلوس فيدخلون الهاء في هذا النعتِ؛ لأنه يشترك فيه الرجالُ والنساءُ، ويقولون: امرأةٌ قاعدٌ

الصفحة 148