كتاب موسوعة القواعد الفقهية (اسم الجزء: 1/ 1)

لا ينقض كلية تلك القواعد ولا يقدح في عمومها للأسباب الآتية:
أولاً: لما كان مقصد الشارع ضبط الخلق إلى القواعد العامة - وكانت القواعد التي قد جرت بها سنة الله أكثرية لا عامة، وكانت الشريعة موضوعة على مقتضى ذلك الوضع - كان من الأمر الملتفت إليه إجراء القواعد على العموم العادي لا على العموم الكلي العام الذي لا يتخلف عنه جزئي ما.
ويقول الشاطبي (¬1): في موافقاته تأييداً لهذا: إن الأمر الكلي إذا ثبت فتخلف بعض الجزئيات عن مقتضاه لا يخرجه عن كونه كلياً، وأيضاً فإن الغالب الأكثري معتبر في الشريعة اعتبار القطعي.
ثانياً: إن المتخلفات الجزئية لا ينتظم منها كلي يعارض هذا الكلي الثابت، وهذا شأن الكليات الاستقرائية - وإنما يتصور أن يكون تخلف بعض الجزئيات قادحاً في الكليات العقلية.
فالكليات الاستقرائية صحيحة وإن تخلف عن مقتضاها بعض الجزئيات (¬2).
كما يقال كل حيوان يحرك فكه الأسفل حين المضغ. وهذه قاعدة كلية استقرائية خرج عنها: التمساح. حيث يقال: إنه يحرك فكه الأعلى حين المضغ فخروج االتمساح عن القاعدة لا يخرجها عن كونها كلية. فكأنه قيل: كل حيوان يحرك فكه الأسفل حين المضغ إلا التمساح.
فالعموم العادي المبني على الاستقراء لا يوجب عدم التخلف بل
¬__________
(¬1) الشاطبي: هو أبو إسحاق إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المالكي المتوفي سنة 790 هـ الأعلام جـ 1 صـ 75 مختصراً.
(¬2) الموافقات للشاطبي جـ 2 صـ 52 - 53 بتصرف.

الصفحة 23