كتاب موسوعة القواعد الفقهية (اسم الجزء: 1/ 1)

ولاستجلاء تلك الحقيقة لمّا دققنا النظر في بعض المصادر الفقهية من المذاهب المختلفة، وجدنا أن الفقهاء يتعرضون للقواعد عند تعليل الأحكام وترجيح الأقوال، مثل الكاساني وقاضيخان وجمال الدين الحصيري من الحنفية، والقرافي من المالكية والجويني والنووي من الشافعية، وابن تيمية وابن القيم من الحنابلة.
فتراهم يذكرون القواعد الفقهية ويقرنون بها الفروع والأحكام. وهذا أمر مهم وذو شأن في إطار هذا المبحث. ونقدم هنا تفصيل ذلك بذكر بعض الأمثلة والنماذج للقواعد من المصادر الفقهية مع اختيار الترتيب الزمني دون المذهبي.
ففي القرن الخامس الهجري وجدنا إمام الحرمين الجُويني (478 هـ) - رحمه الله - شأمة بين فقهاء المذهب الشافعي في هذا الباب حيث قام بتأصيل هذه القواعد في آخر كتابه "الغياثي" فعقد فيه فصلاً مستقلاً مُحْكَمَاً يتعلق بموضوعنا في أسلوبه الحواري الخاص. يقول في المرتبة الثالثة من هذا الكتاب:
"إن المقصود الكُلِّي في هذه المرتبة أن نذكر في كل أصل من أصول الشريعة قاعدة منزلة القُطب من الرحا والأسِّ من المبنى، ونوضح أنها ... منشأ التفاريع وإليها انصراف الجميع" (¬1).
وبدأ هذا الفصل بكتاب الطهارة
1 - ومن ضمن القواعد التي بحث مسائل الطهارة على أساسها: "قاعدة استصحاب الحكم بيقين طهارة الأشياء إلى أن يطرأ عليها يقين النجاسة" (¬2).
¬__________
(¬1) الغياثي تحقيق: د. عبد العظيم ديب (طبعة قطر) صـ 434 - 435.
(¬2) المصدر نفسه صـ 439.

الصفحة 77