كتاب موسوعة القواعد الفقهية (اسم الجزء: 1/ 1)

8 - "التعليق بشرطِ كائنِ تنجيز" (¬1).
فانظر إلى هذه القواعد كيف تنسقت صياغتها عند الكاساني، وليس ببعيد ولا غريب أن يكون بعضها عريقة في صياغتها عند السابقين مثل الإمام محمد وغيره كما سلفت الإشارة إلى بعض الأمثلة من هذا القبيل في بداية هذا الفصل. وكل ذلك يدل على مدى تطور مستمر في صياغة القواعد وعناية الفقهاء بها عند تعليل الأحكام، وترجيح رأي من الأراء، وتوجيه أفكار أئمة المذاهب بتلك القواعد.
وفي نفس الفترة من الزمن تقريباً نلاحظ أن الإمام فخر الدين الفرغاني الشهير بقاضي خان (¬2) (592 هـ) أولى القواعد عناية كبيرة. وهو يكاد ينفرد بين الفقهاء في هذا المجال، حيث في شرحه "الزيادات" و"الجامع الكبير" للإمام محمد، افتتح معظم الأبواب والفصول بذكر القواعد والضوابط، وافتنَّ في عرضها وقام بجهد جبار في ربط الفروع بأصولها.
ثم تابعه في ذلك تلميذه العلاّمة جمال الدين الحصيري (¬3) (636 هـ) حيث صَدَّر كل باب في "التحرير شرح الجامع الكبير" بالقواعد
¬__________
(¬1) المصدر نفسه (4/ 1842).
(¬2) قاضيخان: هو الإمام فخر الدين، الحسن بن منصور بن محمود الأوزجندي، الإمام الكبير، بقية السلف، ويُعدْ من طبقة المجتهدين في المسائل المشهورة "بالفتاوى الخانية" و"شرح الجامع الكبير" و"شرح الزيادات" للإمام محمد. انظر: قاسم بن قطلوبغا: تاج التراجم في طبقات الحنفية، صـ 22 رقم 56، والفوائد البهية، صـ 64 - 65.
(¬3) الحصيري: هو العلاّمة أبو المحامد محمود بن أحمد بن عبد السيِّد البخاري، صنف الكتب الحسان منها: "شرح الجامع الكبير" وكان من العلماء العاملين. إليه انتهت رياسة أصحاب أبي حنيفة. توفي بدمشق سنة ست وثلاثين وستمائة =

الصفحة 81