كتاب تفسير المراغي (اسم الجزء: 4)

أن يعمل الإنسان العمل على أكمل وجوهه الممكنة، والتقوى: أن يخاف الإساءة والتقصير فيه، حسبنا الله، أي الله كافينا، والوكيل: الكافي الذي توكل إليه الأمور، فانقلبوا، أي فرجعوا، والمراد بالنعمة: السلامة والثبات على الإيمان وطاعة الرسول، والفضل: هو الربح فى التجارة، والشيطان هنا: شيطان الإنس الذي غش المسلمين ليخذلهم، وهو نعيم بن مسعود، يخوّف أولياءه، أي يخوفكم أنصاره من المشركين.

المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه تثبيط المشركين للراغبين فى الجهاد بتحذيرهم عواقبه، وأنه مفض إلى القتل كما حدث يوم أحد، والقتل بغيض إلى النفوس مكروه لها، ثم أردفه بيان أن القتل إنما يحدث بقضاء الله وقدره كما يحدث الموت، فمن كتب له أن يقتل لا يمكنه أن يبتعد من القتل، ومن لم يقدّر له لا خوف عليه من الجهاد.
ذكر هنا ما يحبب الجهاد فى سبيل الله، فأبان أن المقتولين شهداء أحياء عند ربهم قد خصهم الله بالقرب منه، والكرامة لديه، وأعطاهم أفضل أنواع الرزق وأوصلهم إلى مراتب الفرح والسرور.
أخرج الإمام أحمد فى جماعة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم فى أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها، وتأوى إلى قناديل من ذهب معلّقة فى ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقيلهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا، فقال الله تعالى: - أنا أبلغهم عنكم- فأنزل الله هؤلاء الآيات» .

الإيضاح
(وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً) أي ولا تحسبن أيها السامع لقول المنافقين الذين ينكرون البعث أو يرتابون فيه، فيؤثرون الدنيا على الآخرة- أن من قتلوا فى سبيل الله أمواتا قد فقدوا الحياة وصاروا عدما.

الصفحة 131