كتاب تفسير المراغي (اسم الجزء: 4)

الأسد (موضع على ثمانية أميال من المدينة) وكان بأصحابه القرح فتحاملوا على أنفسهم حتى لا يفوتهم الأجر، وألقى الله الرعب فى قلوب المشركين فذهبوا إلى مكة مسرعين فنزلت الآية.
وتسمى هذه الغزوة غزوة حمراء الأسد، وهى متصلة بغزوة أحد.
(الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) أي وهم الذين قال لهم نعيم بن مسعود الأشجعى ومن وافقه وأذاع قوله وهم أربعة: إن أبا سفيان وأعوانه جمعوا الجموع لقتالكم فاخشوهم ولا تخرجوا للقائهم.
روى عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة أن الآية نزلت فى غزوة بدر الصغرى.
ذاك أن أبا سفيان قال حين أراد أن ينصرف من أحد: يا محمد موعدنا موسم بدر القابل إن شئت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ذاك بيننا وبينك إن شاء الله، فلما كان العام القابل خرج أبو سفيان فى أهل مكة حتى نزل (مجنّة) من ناحية (مرّ الظهران) فألقى الله الرعب فى قلبه، فبدا له الرجوع فلقى نعيم بن مسعود وقد قدم معتمرا فقال له أبو سفيان: إنى واعدت محمدا وأصحابه أن نلتقى بموسم بدر، وإن هذا عام جدب، ولا يصلحنا إلا عام نرعى فيه الشجر ونشرب فيه اللبن، وقد بدا لى أن أرجع، وأكره أن يخرج محمد ولا أخرج فيزيدهم ذلك جرأة، فالحق بالمدينة فثبطهم، ولك عندى عشرة من الإبل أضعها فى يدى سهيل بن عمرو، فأتى نعيم المدينة فوجد المسلمين يتجهزون لميعاد أبى سفيان فقال لهم: ما هذا بالرأى، أتوكم فى دياركم وقراركم ولم يفلت منكم إلا شريد، فتريدون أن تخرجوا إليهم وقد جمعوا لكم الجموع عند الموسم، فو الله لا يفلت منكم أحد، فكان لكلامه وقع شديد فى نفوس قوم منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسى بيده لأخرجنّ ولو وحدي»
فخرج ومعه سبعون راكبا يقولون (حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) حتى وافى بدرا الصغرى (بدر الموعد) فأقام بها ثمانية أيام ينتظر أبا سفيان فلم يلق أحدا،

الصفحة 134