كتاب تفسير المراغي (اسم الجزء: 4)

لأن أبا سفيان رجع بجيشه إلى مكة وكان معه ألفا رجل فسماه أهل مكة جيش السّويق، وقالوا لهم إنما خرجتم لتشربوا السويق.
ووافى المسلمون سوق بدر، وكانت معهم نفقات وتجارات فباعوا واشتروا أدما وزبيبا فربحوا وأصابوا بالدرهم در همين، وانصرفوا إلى المدينة سالمين غانمين.
(فَزادَهُمْ إِيماناً) أي زادهم هذا القول إيمانا بالله وثقة به، ولم يلتفتوا إلى تخويفهم بل حدث فى قلوبهم عزم وتصميم على محاربة هؤلاء الكافرين، وطاعة للرسول فى كل ما يأمر به وينهى عنه، وإن أضناهم ذلك وثقل عليهم، لما بهم من جراحات عظيمة وقد كانوا فى حاجة إلى قسط من الراحة، وشىء من التداوى، لكن وثوقهم، بنصر الله وتغلبهم على عدوهم أنساهم كل هذه المصاعب فلبوا الدعوة سراعا.
والخلاصة- إن هذا القول الذي سمعوه زاد شعورهم بعزة الله وعظمته وسلطانه ويقينهم بوعد الله ووعيده، وتبع ذلك زيادة فى العمل، ودأب على إنفاذ ما طلب الرسول صلى الله عليه وسلم، ولولا ذلك ما أقدموا على الاستجابة على ما كاد يكون وراء حدود الإمكان.
ونحو الآية قوله تعالى «وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً» .
(وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) أي قالوا معبّرين عن صادق إيمانهم بالله: الله يكفينا ما يهمنا من أمر الذين جمعوا الجموع لنا، فهو لا يعجزه أن ينصرنا على قلّتنا وكثرتهم، أو يلقى فى قلوبهم الرعب، فيكفينا شر بغيهم وكيدهم، وقد كان الأمر كما ظنوا، فألقى الله الرعب فى قلب أبى سفيان وجيشه على كثرة عددهم وتوافر عددهم، فولّوا مدبرين، وكان فى ذلك عزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
أخرج ابن مردويه عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا وقعتم فى الأمر العظيم فقولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل»
وأخرج ابن أبى الدنيا

الصفحة 135