كتاب تفسير المراغي (اسم الجزء: 4)

وأهلها أخلاط من المسلمين والمشركين واليهود، فأراد النبي أن يستصلحهم كلهم فكان المشركون واليهود يؤذونه ويؤذون أصحابه أشد الأذى، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالصبر على ذلك وفيهم أنزل الله تعالى: (وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) الآية

[سورة آل عمران (3) : الآيات 187 الى 189]
وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ (187) لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (188) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189)

تفسير المفردات
الميثاق: العهد المؤكد، والذين أوتوا الكتاب: هم اليهود والنصارى، لتبيننه للناس أي لتظهرنّ جميع ما فيه من الأحكام والأخبار التي من جملتها نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ولا تكتمونه: أي لا تؤولونه ولا تلقون الشبه الفاسدة والتأويلات المزيّفة، فنبذوه وراء ظهورهم: أي طرحوه ولم يعتدّوا به، ويقال للأمر المعتنى به جعله نصب عينيه وألقاه بين عينيه، واشتروا به ثمنا قليلا: أي شيئا من حطام الدنيا الفانية، بما أوتوا أي بما فعلوا، أن يحمدوا أي يحمدهم الناس، بمفازة من العذاب: أي بمنجاة منه، من قولهم: فاز فلان إذا نجا.

المعنى الجملي
بعد أن حكى سبحانه عن اليهود شبها ومطاعن فى نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وأجاب عنها بما علمت فيما سلف، أردفه هذه الآية لبيان عجيب حالهم، وغريب أمرهم،

الصفحة 155