كتاب تفسير المراغي (اسم الجزء: 4)

المال شيئا ولا متأثل لنفسه منه عقارا ولا مالا آخر ولا منفق ماله فى مصالحه ومرافقه كان بعمله هذا آكلا بالمعروف.
(فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ) أي فإذا دفعتم أيها الأولياء والأوصياء إلى اليتامى أموالهم فأشهدوا عليهم بقبضها وبراءة ذممكم منها، كى لا يكون بينكم نزاع.
وهذا الإشهاد واجب عند الشافعية والمالكية، إذ أن تركه يؤدى إلى التخاصم والتقاضي كما هو مشاهد، وجعله الحنفية مندوبا لا واجبا.
(وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً) أي وكفى الله رقيبا عليكم يحاسبكم على ما تسرّون وما تعلنون، وقد جاء هذا بعد الأمر بالإشهاد ليرشدنا إلى أن الإشهاد وإن أسقط الدعوى بالمال عند القاضي فهو لا يسقط الحق عند الله إذا كان الولي خائنا، فإن الله لا يخفى عليه ما يخفى على الشهود والحكام.
وعلى الجملة فإنك ترى أن الله تعالى حاط أموال اليتامى بضروب من الصيانة والحفظ، فأمر باختبار اليتيم قبل دفع ماله إليه، ونهى عن أكل شىء منه بطرق الإسراف ومبادرة كبره، وأمر بالإشهاد عليه عند الدفع، ونبّه إلى مراقبة الله تعالى فى جميع التصرفات الخاصة به.

[سورة النساء (4) : الآيات 7 الى 10]
لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (7) وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (8) وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (9) إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً (10)

الصفحة 190