كتاب تفسير المراغي (اسم الجزء: 6)

للمؤمنين منهم بالإيمان حال التكليف والاختيار وعلى الكافر بالكفر، إذ هو مرسل إليهم وكل نبى شهيد على قومه كما قال تعالى (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) وقد ورد فى الآثار ما يدل على اطلاع الناس قبل موتهم على منازلهم من الآخرة، فيبشّرون برضوان الله أو بعذابه وعقوبته،
روى البخاري عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن المؤمن إذا حضره الموت بشّر برضوان الله وكرامته، وإن الكافر إذا حضر (حضره الموت) بشر بعذاب الله وعقوبته»
وروى ابن مردويه عن ابن عباس «ما من نفس تفارق الدنيا حتى ترى مقعدها من الجنة أو النار» .
وهذا يؤيد ما روى عن ابن عباس فى تفسير الآية من أن الملائكة تخاطب من يموت من أهل الكتاب قبل خروج روحه بحقيقة أمر المسيح، مع الإنكار الشديد والتقبيح.

[سورة النساء (4) : الآيات 160 الى 162]
فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً (160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (161) لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً (162)

المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه فضائح اليهود وقبيح أعمالهم، ذكر هنا تشديده عليهم فى الدنيا والآخرة، أما فى الدنيا فبتحريم طيبات كانت محللة لهم، وأما فى الآخرة فبما

الصفحة 16