كتاب تفسير المراغي (اسم الجزء: 16)

فى كتاب: أي دفتر مقيّد فيه والمراد بذلك كمال علمه الذي لا يضيع منه شىء، ضل الشيء: أخطأه ولم يهتد إليه، ونسيه: ذهب عنه ولم يخطر بباله، والمهد. ما يمهّد للصبى ويفرش له: أي جعل الأرض كالمهد، وسلك: أي سهّل، والسبل: واحد ها سبيل:
أي طريق، أزواجا: أي أصنافا، شتى: واحدها شتيت كمريض ومرضى: أي مختلفة النفع والطعم واللون والشكل، لآيات: أي لدلالات، والنهى: واحدها نهية (بالضم) وهى العقل سمى بها لأنه ينهى صاحبه عن ارتكاب القبائح.

المعنى الجملي
اعلم أن موسى وهارون عليهما السلام سارعا إلى الامتثال وجاءا فرعون وأبلغاه ما أمرا به، فسألهما سؤال الإنكار والجحد للصانع الخالق لكل شىء وربه ومليكه، ودار بينهما من الحوار ما قصه الله علينا.
روى عن ابن عباس أنهما لما جاءا إلى بابه أقاما حينا لا يؤذن لهما، ثم أذن لهما بعد حجاب شديد، فدخلا وكان من الحوار ما أخبرنا الله به.

الإيضاح
(قال فمن ربكما يا موسى) أي إذا كنتما رسولى ربكما الذي أرسلكما فأخبرانى، من ربكما الذي أرسلكما؟.
وإنما خص موسى بالنداء مع توجيه الخطاب إليهما، لما ظهر له أنه هو الأصل وهارون وزيره.
فأجاب موسى عن سؤاله:
(قال ربنا الذى أعطى كل شىء خلقه) أي ربنا الذي أعطى كل شىء ما يليق به مما قدر له من الخواص والمزايا، فأعطى العين الوضع الذي يطابق ما يراد بها من الإبصار، والأذن الشكل الذي يوافق الاستماع، وهكذا الأنف واليد والرجل وجميع أعضاء الجسم.

الصفحة 117