كتاب تفسير المراغي (اسم الجزء: 16)

من بعد انطلاقك من بينهم، وهم الذين خلفهم مع هرون اه. وهذه الفتنة وقعت لهم بعد خروج موسى بعشرين يوما.
(وأضلهم السامرى) أي دعاهم إلى الضلال باتخاذ العجل والدعاء إلى عبادته، وكان من قوم يعبدون البقر، فدخل فى دين بنى إسرائيل فى الظاهر وفى قلبه حنين لعبادة البقر، فأطاعه بعض وامتنع آخرون.
(فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا) أي فانصرف موسى إلى قومه بنى إسرائيل بعد انقضاء الليالى الأربعين- مغتاظا من قومه، حزينا لما أحدثوا من بعده من الكفر بالله. روى أنه لما رجع موسى سمع الصياح والضجيج وكانوا يرقصون حول العجل فقال للسبعين الذين كانوا معه هذا صوت الفتنة.
قال القرطبي: سئل الإمام أبو بكر الطرشوشى عن جماعة يجتمعون ويكثرون من ذكر الله وذكر رسوله صلّى الله عليه وسلّم، ثم إنهم يضربون بالقضيب على شىء من الطبل ويقوم بعضهم يرقص ويتواجد حتى يقع مغشيا عليه، ويحضرون شيئا يأكلونه، فهل الحضور معهم جائز أم لا؟ فأجاب: يرحمك الله، مذهب الصوفية بطالة وجهالة وضلالة، وما الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلم وأما الرقص والتواجد فأول من أحدثه أصحاب السامري لما اتخذ لهم عجلا جسدا له خوار فقاموا يرقصون حوله ويتواجدون، فهو دين الكفار وعبّاد العجل وأما الطبل فأول من اتخذه الزنادقة ليشغلوا به المسلمين عن كتاب الله، وإنما كان مجلس النبي مع أصحابه، كأنما على رءوسهم الطير من الوقار، فينبغى للسطان أن يمنعهم من الحضور فى المساجد وغيرها، ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحضر معهم أو يعينهم على باطلهم، وهذا مذهب مالك وأبى حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم من أئمة المسلمين اه.
(قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا) لا سبيل لكم إلى إنكاره، فقد وعدكم بإنزال الكتاب الهادي إلى الشرائع والأحكام، ووعدكم الثواب العظيم فى الآخرة

الصفحة 139