كتاب القناعة والتعفف
وَيُظْهِرُ لَكَ غِنَاهُ، وَيَقُولُ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ.
غافر: 60} .
يَا عَطَاءُ أَتَرْضَى بِالدُّونِ مِنَ الدُّنْيَا مَعَ الْحِكْمَةِ، وَلا تَرْضَى بِالدُّونِ مِنَ الْحِكْمَةِ مَعَ الدُّنْيَا، وَيْحَكَ يَا عَطَاءُ إِنْ كَانَ يُغْنِيكَ مَا يَكْفِيكَ، وَأَنَّ أَدْنَى مَا فِي الدُّنْيَا يَكْفِيكَ، وَإِنْ كَانَ لا يُغْنِيكَ مَا يَكْفِيكَ فَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا شَيْءٌ يَكْفِيكَ.
وَيْحَكَ يَا عَطَاءُ إِنَّمَا بَطْنُكَ بَحْرٌ مِنَ الْبُحُورِ وَوَادٍ مِنَ الأَوْدِيَةِ، وَلا يَمْلَؤُهُ شَيْءٌ إِلا التُّرَابُ.
- وَقَالَ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ: لا يَعْبُدُ الرَّجُلُ حَتَّى يَكُونَ فِيهِ خَصْلَتَانِ: الْعِفَّةُ عَمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ، وَالتَّجَاوُزُ عَمَّا يَكُونُ مِنْهُمْ.
- وَقَرَأَ عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هَذِهِ الآيَةَ: {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا.
آل عمران: 103} قَالَ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ لا يُعِيدَكُمْ إِلَيْهَا بَعْدَ أَنْ أَبْعَدَكُمْ مِنْهَا.
- وَقَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ: مَا سَكَنَتِ الدُّنْيَا قَلْبَ أليط عَبْدٍ إِلا أُلِيطَ قَلْبُهُ مِنْهَا بِثَلاثٍ: شُغْلٍ لا يَنْفَكُّ عَنَاهُ، وَفَقْرٌ لا يُدْرَكُ غِنَاهُ، وَأَمَلٌ لا يُدْرَكُ مُنْتَهَاهُ.
الدُّنْيَا طَالِبَةٌ وَمَطْلُوبَةٌ، فَطَالِبُ الآخِرَةِ تُطَالِبُهُ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَكْمِلَ فِيهَا رِزْقَهُ، وَطَالِبُ الدُّنْيَا تَطْلُبُهُ الآخِرَةُ حَتَّى يَجِيءَ الْمَوْتُ فَيَأْخُذُهُ بِعُنُقِهِ.
الصفحة 68