كتاب ذم الدنيا

413 - حدثني محمد بن إدريس، أخبرني عبد الحميد بن صالح، أخبرنا قطري الخشاب، عن عبد الوارث، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إذا كان يوم القيامة صارت أمتي ثلاث فرق: فرقة يعبدون الله عز وجل للدنيا، وفرقة يعبدونه رياء وسمعة، وفرقة يعبدونه لوجهه ولداره، فيقول للذين كانوا يعبدونه للدنيا: بعزتي وجلالي ومكاني، ما أردتم بعبادتي؟ فيقولون: بعزتك وجلالك ومكانك، الدنيا.
فيقول: إني لم أقبل من ذلك شيئاً، اذهبوا بهم إلى النار.
ويقول للذين كانوا يعبدونه رياء وسمعة: بعزتي وجلالي ومكاني، ما أردتم بعبادتي؟ فيقولون: بعزتك وجلالك ومكانك، رياء وسمعة.
قال: فإني لم أقبل من ذلك شيئاً، اذهبوا بهم إلى النار.
قال: ويقول للذين كانوا يعبدونه لوجهه ولداره: بعزتي وجلالي ومكاني، ما أردتم بعبادتي؟ فيقولون بعزتك وجلالك ومكانك، لوجهك ولدارك.
فيقول: صدقتم، اذهبوا بهم إلى الجنة.
414 - حدثني محمد بن إدريس، أخبرنا ابن أبي ليلى، أخبرنا موسى أبو محمد المدني، مولى عثمان بن عفان، عن خالد بن يزيد بن عبد الرحمن، عن -[170]- أبيه، عن جده: أن علي بن أبي طالب قال في خطبته:
أوصيكم بتقوى الله، والترك للدنيا التاركة لكم، وإن كنتم لا تحبون تركها المبلية أجسامكم، وإن كنتم تريدون تجديدها، فإنما مثلكم ومثلها كمثل سفر سلكوا طريقاً، فكأنهم قد قطعوه، أو أفضوا إلى علم فكأنهم قد بلغوه، وكم عسى أن يجري المجرى حتى ينتهي إلى الغاية، وكم عسى أن يبقى من له يوم من الدنيا، وطالب حثيث يطلبه حتى يفارقها، فلا تجزعوا لبؤسها، وضرائها، فإنه إلى انقطاع، ولا تفرحوا بنعيمها فإنه إلى زوال، عجبت لطالب الدنيا، الموت يطلبه، وغافل ليس بمغفول عنه.

الصفحة 169