كتاب ذم الدنيا

429 - حدثني أحمد بن محمد بن سليمان، أنه حدث عن حليسي الضبعي، عن سعيد بن أبي عروة، عن قتادة، قال: قال لي عمران بن حطان: إني لعالم بخلافك، ولكن على ذلك أحفظ، ثم أخذ بيدي فقال:
حتى متى تسقي النفوس بكأسها ... ريب المنون وأنت لاه ترتع
أحلام نوم أو ظل زائل ... إن اللبيب بمثلها لا يخدع
فتزودن من قبل يومك زادا ... أم هل لغير لا أبا لك تجمع
430 - حدثني صالح بن مالك، أخبرنا أبو عبيدة الناجي، قال: قال الحسن:
طالبان يطلبان: فطالب الآخرة مدرك بما طلب، لا فوت به عليه، وطالب الدنيا عسى أن يصيب منها قليلاً، وما يفوته منها أكثر، إن الدنيا لما فتحت على أهلها كلبوا والله أشد الكلب، حتى عدى بعضهم على بعض بالسيف، وحتى استحل بعضهم حرمة بعض، فيا لهذا فساداً ما أكثره.
431 - حدثنا محمد بن الحسين، حدثنا عيسى بن ميمون أبو عمرو النجدي، قال: سمعت صالحاً المري يقول في كلامه:
وكيف تقر بالدنيا عين من عرفها؟ قال: ثم يبكي، ويقول: خلف الماضين، وبقية المتقدمين، رحلوا أنفسكم عنها قبل الرحيل، فكأن الأمر عن قريب قد نزل.
قال: ثم بكى.

الصفحة 175