كتاب ذم الدنيا

455 - وحدثني محمد بن إدريس الحنظلي، أخبرنا إسحاق بن عبد المؤمن الدمشقي، قال: كتب إلي أحمد بن عاصم الأنطاكي فكان في كتابه:
إنا أصبحنا في دهر حيرة تضطرب علينا أمواجه بغلبة الهوى، العالم منا والجاهل، فالعالم منا مفتون بالدنيا مع ما يدعيه من العلم، والجاهل منا عاشق لها، مستملأ من فتنة عالمه، فالمقل لا يقنع، والمكثر لا يشبع، فكل قد شغل الشيطان قلبه بخوف الفقر، فأعاذنا الله وإياك من قبولنا عدة إبليس، وتركنا عدة رب العالمين، يا أخي لا تصحب إلا مؤمناً، يعظك بفعله، ومصاديق قوله، أو مؤمناً تقياً فمتى صحبت غير هؤلاء، ورثوك النقص في دينك وقبح السيرة في أمورك، وإياك والحرص والرغبة، فإنهما يسلبانك القناعة والرضا، وإياك والميل إلى هواك فإنه يصدك عن الحق، وإياك أن تظهر أنك تخشى الله وقلبك فاجر، وإياك أن تضمر ما إن أظهرته أخزاك، وإن أضمرته أرداك.
والسلام.
456 - حدثنا علي بن الحسن العامري، أخبرنا علي بن حفص المدائني، أخبرنا شيخ من البصريين يقال له أبو الورقاء، قال: سمعت أنس بن مالك وسمع رجلاً يقول: أين الزاهدون في الدنيا، والراغبون في الآخرة؟ قال: أولئك أهل بدر.
457 - حدثني أبو علي المدائني، أخبرنا قطر بن حماد بن واقد، أخبرنا أبي، قال: سمعت مالك بن دينار يقول: يقولون: مالك زاهد، مالك زاهد، أي زهد عند مالك، ولمالك جبة وكساء، وإنما الزاهدون عمر بن عبد العزيز أتته الدنيا فاغرة فاها فتركها.

الصفحة 182