كتاب ذم الدنيا

472 - أخبرني ربيعة الحنفي عن شيخ من أهل البصرة قال: قال وهب بن منبه: رأينا ورقة تهفو بها الريح، فأخذناها فإذا فيها مكتوب:
بسم الله الرحمن الرحيم:
دار لا يسلم منها من فيها، ما أخذ أهلها منها لها خرجوا منه، ثم حوسبوا به، وما أخذ أهلها منها لغيرها خرجوا منه، ثم أقاموا به، وكأن قوماً من أهل الدنيا ليسوا من أهلها كانوا فيها كمن ليس فيها، عملوا فيها بما يبصرون، وبادروا فيها ما يحذرون، تنقلب أجسادهم بين ظهراني أهل الدنيا، وتنقلب قلوبهم بين ظهراني أهل الآخرة، يرون أهل الدنيا يعظمون، وهم أشد تعظيماً لموت قلوبهم.
قال: فسألت عن هذا الكلام فلم أجد أحداً يعرفه!!
473 - حدثني محمد بن جعفر بن مهران البصري، عن رجل، عن أبيه: أن غلاماً لعبد الملك بن مروان كتب إليه: إن صخرة قبلنا يقال إن تحتها كنزاً يحتاج إلى نفقة، فكتب إليه عبد الملك: أن واصل بين النفقة حتى تستخرج هذا الكنز، فعولجت حتى قلبت فلم أجد تحتها كنزاً ووجد عليها كتاباً فيه:
ومن يحمد الدنيا بعيش يسره ... فسوف لعمري عن قليل يلومها
إذا أقبلت كانت المر حسرة ... وإن أدبرت كانت كثيراً غمومها
474 - قال أبو بكر: قيل لبعض الحكماء: ما الدنيا؟ قال: تريدون المذمومة على ألسن الأنبياء الحكماء؟ قالوا: نعم.
قال: المعصية.
قيل: فأي الزهاد أفضل؟ قال: أقلهم حظاً من الدنيا.
قيل: متى يصفو توكل الزاهد؟ قال: إذا لم يلزمه منه مخلوق.
475 - قال أبو بكر: وقال بعض الحكماء:
ما فرحت يا ابن آدم بما يفنى إلا بعد نسيانك ما يبقى، ولا ركنت إلى زينة -[187]- الدنيا إلا بتركك نصيبك من جنة المأوى، ولا متعت نفسك بمواعيد المنى إلا بعد ما عانقت هذه الدنيا، ولا تتوقت في تسمين بدنك حتى نسيت دراجك في كفنك.

الصفحة 186