كتاب مجموع رسائل ابن رجب (اسم الجزء: 1)
وكان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يقول في استفتاحه صلاة الليل: "أَنْتَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ" (¬1).
وقد أخبر اللَّه تعالى عن هُود عليه السلام أنَه قال لقومه: {إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} (¬2).
وقد وردت الأحاديث بفضل من عهد إِلَى ربِّه في الدُّنْيَا هذا العهد، واستشهده عَلَى نفسه بمثل هذه الشهادة؛ ففي "سُنن أبي داود" (¬3) عن أنس موقوفًا: "مَن قَال حِين يُصبح أو يمسي: اللَّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلَائِكَتَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ، أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ. أَعْتَقَ اللَّهُ رُبُعَهُ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَعْتَقَ اللَّهُ نِصْفَهُ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ قَالَهَا ثَلَاثًا أَعْتَقَ اللَّهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ قَالَهَا أَرْبَعًا أَعْتَقَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ".
وأخرج النسائي والترمذيّ بمعناه (¬4).
ورُوي معناه: من حديث سلمان (¬5)، وعائشة.
وفي "المُسند" (¬6) عن ابن مسعود رضي اللَّه عنه، أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من قال: اللهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، إِنِّي أَعْهَدُ إِلَيْكَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ؛ فَإِنَّكَ إِنْ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي تُقَرِّبْنِي مِنَ الشَّرِّ وَتُبَاعِدْنِي مِنَ
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (1120)، ومسلم (769) من حديث ابن عباس.
(¬2) هود: 54 - 55.
(¬3) برقم (5069).
(¬4) أخرجه النسائي في "الكبرى" (6/ 6) برقم (9837/ 6) عن أنس، والترمذي (3501) بمعناه عن أنس. وقال الترمذي: هذا حديث غريب.
(¬5) أخرجه الطبراني في "الكبير" (6/ 220)، و"الدعاء" (299، 300)، والحاكم في "المستدرك" (1/ 523) من حديث سلمان.
(¬6) (1/ 412).
الصفحة 139