العَالَمِينَ" (¬1)، ومثل الحديث الَّذِي جاء فيمن أدى دينًا خفيًَا أنه يخير في أي الحور العين شاء.
والموجب لخشيته اللَّه في السر والعلانية أمور منها:
1 - قوة الإيمان بوعده ووعيده عَلَى المعاصي.
2 - ومنها النظر في شدة بطشه وانتقامه، وقوته وقهره، وذلك يوجب للعبد ترك التعرض لمخالفته، كما قال الحسن: ابن آدم، هل لك طاقة بمحاربة اللَّه، فإن من عصاه فقد حاربه.
وقال بعضهم: عجبت من ضعيف يعصي قويًّا.
3 - ومنها قوة المراقبة له، والعلم بأنه شاهد ورقيب عَلَى قلوب عباده وأعمالهم وأنه مع عباده حيث كانوا، كما دل القرآن عَلَى ذلك في مواضع كقوله تعالى: {هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} (¬2) وقوله تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ} الآية (3) وقوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} (¬3) وقوله تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ} (¬4).
وكما في الحديث الَّذِي خرّجه الطبراني (¬5): "أفضل الإيمان أن يعلم العبد أن الله معه حيث كان"، فيوجب ذلك الحياء منه في السر والعلانية.
قال بعضهم: خف اللَّه عَلَى قدر قدرته عليك واستحي منه عَلَى قدر قربه منك.
وقال بعضهم لمن استوصاه: اتق الله أن يكون أهون الناظرين إليك، وفي هذا المعنى يقول بعضهم:
¬__________
(¬1) سبق تخريجه في الصفحة السابقة برقم (2).
(¬2) المجادلة: 7.
(¬3) يونس: 61.
(¬4) النساء: 108.
(¬5) في "المعجم الصغير" (555) من حديث عبد الله بن معاوية الغاضري مطولاً، وقال الطبراني: لا يُروى هذا الحديث عن ابن معاوية إلا بهذا الإسناد، ولا نعرف لعبد الله بن معاوية الغاضري حديثًا مسندًا غير هذا.