كتاب مجموع رسائل ابن رجب (اسم الجزء: 1)

وأمَّا أسبابُ القسوة فكثيرة:
منها: كثرةُ الكلام بغير ذكر الله؛ كما في حديث ابن عمر السابق.
ومنها: نقض العهد مع الله تعالى - قال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} (¬1).
قال ابنُ عقيل يومًا في وعظه: يا من يجد من قلبه قسوة، احذر أنْ تكون نقضت عهدًا؛ فإنَّ الله يقول: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} الآية (1).
ومنها: كثرةُ الضَّحك؛ ففي الترمذي (¬2)، عن الحسن، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لاً تُكْثِرُوا الضَّحِكَ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ» وقال: روي عن الحسن قوله.
وخرج ابنُ ماجه (¬3)، من طريق أبي رجاء الجَزَري، عن برد بن سِنان، عن مكحول، عن واثلة بن الأسقع، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ».
¬__________
(¬1) المائدة: 13.
(¬2) أخرجه الترمذي برقم [2305]، وأحمد في "مسنده" (2/ 310)، وأبو يعلى في "مسنده" برقم [6240]، والطبراني في "الأوسط" برقم [7054]، والبيهقي في "الشعب" برقم [9543]، [11128]، وأبو نعيم في "الحلية" (6/ 295) كلهم من طريق جعفر بن سليمان عن أبي طارق عن الحسن به مطولاً.
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث جعفر بن سلمان، والحسن لم يسمع من أبي هريرة شيئًا، هكذا رُوِي عن أيوب ويونس بن عبيد وعلي بن زيد، قالوا: لم يسمع الحسن من أبي هريرة، وروى أبو عبيدة الناجي عن الحسن هذا الحديث قوله، ولم يذكر فيه عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وقال أبو نعيم في "الحلية" (6/ 295): غريب من حديث الحسن، تفرد به جعفر عن أبي طارق.
وقال العجلوني في "كشف الخفا" (1/ 44): رواه أحمد والترمذي بسند ضعيف.
(¬3) برقم (4217) من طريق مكحول عن واثلة به مطولاً.
وذكر الدارقطني في "العلل" (7/ 263 - 265) برقم [1339] الاختلاف في هذا الحديث، ثم قال: والحديث غير ثابت.

الصفحة 261