وقال تعالى: {وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ} إِلَى قوله: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (¬1).
ووصف المؤمنين بالخشوع له في أشرف عباداتهم التي هم عليها يحافظون، فَقَالَ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬2).
ووصف الذين أوتوا العِلْم بالخشوع حيث يكون كلامه لهم مسموعًا، فَقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} (¬3).
وأصل الخشوع هو: لين القلب ورقته وسكونه وخضوعه وانكساره وحرقته فَإِذَا خشع القلب تبعه خشوع جميع الجوارح والأعضاء؛ لأنها تابعة له، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "أَلاَ إِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ" (¬4).
فَإِذَا خشع القلب خشع السمع والبصر والرأس والوجه، وسائر الأعضاء وما ينشأ منها حتى الكلام. لهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في ركوعه في الصلاة: "خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي" وفي رواية: "وَمَا اسْتَقَلَّ بِهِ قَدَمِي" (¬5).
ورأى بعض السلف رجلاً يعبث بيده في "الصلاة) (*) فَقَالَ: لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه.
¬__________
(¬1) الأحزاب: 35.
(¬2) المؤمنون: 1 - 2.
(¬3) الإسراء: 107 - 109.
(¬4) البخاري (52، 205)، ومسلم (1599).
(¬5) أخرجه مسلم (771).
(*) صلاته: "نسخة".