كتاب مجموع رسائل ابن رجب (اسم الجزء: 1)

وقد صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» (¬1).
قال الإمام أحمد (¬2) رحمه الله تعالى: حدثنا محمد بن فُضيل، عن عمارة، عن أبي زرعة قال: لا أعلمه إلا عن أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: "جَلَسَ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا مَلَكٌ (مهول) (*)، فَقَالَ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-: إِنَّ هَذَا الْمَلَكَ مَا نَزَلَ مُنْذُ يَوْمِ خُلِقَ قَبْلَ السَّاعَةِ، فَلَمَّا نَزَلَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ أَفَمَلِكًا نَبِيًّا يَجْعَلُكَ أَوْ عَبْدًا رَسُولًا؟ قَالَ جِبْرِيلُ: تَوَاضَعْ لِرَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ. قَالَ: «بَلْ عَبْدًا رَسُولًا».
ومن "مراسيل يحيى بن أبي كثير" رحمه الله تعالى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ، وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ» خرجه ابن سعد في "طبقاته" (¬3).
وخرجه أيضاً (¬4) من رواية أبي معشر، عن المقبري، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَتَانِي مَلَكٌ فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ لَكَ: إِنْ شِئْتَ نَبِيًّا مَلَكًا، وَإِنْ شِئْتَ عَبْدًا رَسُولاً فَأَشَارَ إِلَى جِبْرِيلَ -عليه السلام-: أَنْ ضَعْ نَفْسَكَ. فَقُلْتُ: نَبِيًّا عَبْدًا. قَالَتْ: فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ لاً يَأْكُلُ مُتَّكِئًا يَقُولُ: «آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ وَأَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ».
ومن "مراسيل الزهري" (¬5) رحمه الله تعالى قال: بلغنا أنه أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- ملك لم يأته قبلها، ومعه جبريل عليه السلام، فَقَالَ الملك -وجبريل عليه السلام صامت-: إِنَّ رَبَّكَ يُخَيِّرُكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ [نَبِيًّا] (¬6) مَلِكًا أَوْ نَبِيًّا عَبْدًا،
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (3446).
(¬2) (2/ 231).
(*) ينزل: "نسخة".
(¬3) "الطبقات الكبرى" (1/ 371) طبعة دار صادر.
(¬4) "الطبقات الكبرى" (1/ 381).
(¬5) أخرجه ابن سعد أيضًا في "الطبقات الكبرى" (1/ 381).
(¬6) من "الطبقات الكبرى".

الصفحة 311