كتاب مجموع رسائل ابن رجب (اسم الجزء: 1)

قال ابن مسعود (¬1): نعم كنز الصعلوك [البقرة وآل عمران، يقوم بهما] (*) في آخر الليل.
وآخر سورة البقرة من كنز تحت العرش، أعطيته هذه الأمة مع سورة الفاتحة، ولا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة.
وفي بعض الآثار الإسرائيلية: كنز المؤمن ربه.
يعني أنه لا يكنز سوى طاعته وخشيته، ومحبته والتقرب إِلَيْهِ، فمن كان كنزه ربه، وجده وقت حاجته إِلَيْهِ.
كما في وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس: "احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَى اللهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ" (¬2).
أنت كنزي أنت ذخري ... أنت عزِّي أنت فخري
كيف أخشى الفقرَ إذا ... كنتَ أمني عند فقرِي
من كانَ اللَّهُ كنزَه فقد ظفرَ بالغنِى الأكبرِ
قال بعض العارفين: من استغنى بالله أمن من العدم، ومن لزم الباب أثبت في الخدم، ومن أكثر من ذكر الموت أكثر من الندم.
تنقضي الدُّنْيَا وتفنى ... والفتى فيها معنّى
ليس في الدُّنْيَا نعيم ... لا ولا عيش مهنّا
يا غنيًّا بالدنانير ... محب الله أغنى
¬__________
(¬1) أخرجه الدارمي في "سننه" (3398) بذكر آل عمران دون البقرة.
(*) سورة آل عمران يقوم بها: "نسخة".
(¬2) أخرجه أحمد (1/ 293، 307)، والترمذي (2516). وقال: هذا حديث حسن صحيح. قال ابن رجب في شرح الحديث التاسع عشر من "جامع العلوم والحكم" (1/ 460 - 461).
وقد روي هذا الحديث عن ابن عباس من طرق كثيرة من رواية ابنه عليَّ، ومولاه عكرمة، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، وعبيد الله بن عبد الله، وعمر مولى غفرة، وابن أبي مليكة وغيرهم.
وأصح الطرق كلها طريقُ حنش الصنعاني التي خرجها الترمذي. كذا قاله ابن منده وغيره.

الصفحة 338