خشيته وخوفه من الله تعالى رئي في المنام فَقَالَ: ما رأيت هناك أعظم من درجة العلم، ثم درجة المحزونين، يعني: أهل الخوف من الله والخشية والحزن.
وقد دل هذا الحديث على تفضيل العلم على العبادة تفضيلاً بينًا، والأدلة الدالة على ذلك كثيرة.
قال الله تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (¬1).
وقال: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (¬2).
يعني: على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم، كذا قال ابن مسعود وغيره من السلف.
وخرج الترمذي (¬3) من حديث أبي أمامة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا عَابِدٌ، وَالآخَرُ عَالِمٌ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ» ".
وقال: صحيح حسن غريب.
وخرج أيضاً هو (¬4) وابن ماجه (¬5) من حديث ابن عباس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "فَقِيهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ".
وخرج ابن ماجه (¬6) من حديث عبد الله بن عمرو قال: "خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ بِحَلْقَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَدْعُونَ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- وَالْأُخْرَى يَتَعَلَّمُونَ وَيُعَلِّمُونَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلٌّ عَلَى خَيْرٍ، هَؤُلَاءِ يَدْعُونَ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، فَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُمْ، وَإِنْ
¬__________
(¬1) الزمر: 9.
(¬2) المجادلة: 11.
(¬3) برقم (2685). قال الترمذي: هذا حديث غريب.
(¬4) برقم (2681). قال الترمذي: هذا حديث غريب، ولا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث الوليد ابن مسلم.
(¬5) برقم (222).
(¬6) برقم (229). قال في "الزوائد": إسناده ضعيف، داود وبكر وعبد الرحمن كلهم ضعفاء.